خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي ٱلأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ
٧٣
وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
٧٤
وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ مِنكُمْ وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
٧٥
-الأنفال

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ وَٱلَّذينَ كَفَرُواْ } [الأنفال: 73] أي: ستروا الحق وأنكروا على أرباب القلب وركنوا إلى البطالة، { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } [الأنفال: 73] في الضلالة والإضلال، { إِلاَّ تَفْعَلُوهُ } [الأنفال: 73] أي: لا تتركوا اطلاعهم على مصالحتكم النفوس وعلى بعض أحوالكم، ولاتحترزوا عن موالاة أهل البطالة، ولا تكونوا أولياء مرافقيكم وموافقتكم، { تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي ٱلأَرْضِ } [الأنفال: 73] أي: في أرض قلوب الطالبين فيغتروا عن جهاد النفوس، { وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } [الأنفال: 73] في موالاتكم أهل البطالة لكم ونفركم بالإنكار عليكم فيها، وفي ترك المولاة مع مرافقيكم وموافقتكم، { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } [الأنفال: 74] بأن طلب الله واجب، { وَهَاجَرُواْ } [الأنفال: 74] عمَّا سواه، { وَجَٰهَدُواْ } [الأنفال: 74] أنفسهم، { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } [الأنفال: 74] أي: في طلب الله، { وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ } [الأنفال: 74] محبة الله في قلوبهم، { وَّنَصَرُوۤاْ } [الأنفال: 74] أي: أمدوا المحبة بملازمة الذكر حتى يصير المحب محبوباً والذاكر مذكوراً لقوله تعالى: { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } [المائدة: 54]، وقوله تعالى: { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ } [البقرة: 152].
{ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً } [الأنفال: 74] يعني: هم المؤمنون مستكملين الأيمان الذين وجدوا الحق تعالى في فقد وجودهم، { لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ } [الأنفال: 74] أي: صفة من صفات الحق سترتهم عنها بها، { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } [الأنفال: 74] أي: رزقوا من كرم الكريم فتخلقوا بأخلاق الكريمة، { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ مِنكُمْ } [الأنفال: 75] يشير إلى أن كل سالك صادق يسلك طريق الحق لقي من المتأخرين على قدر الإيمان والهجرة والجهاد الحقيقي - كما مر ذكره - فهو من المتقدمين؛ لأنه ليس عند الله صباح ولا مساء، فالواصلون كلهم كنفس واحدة وهم متبرئون عن الزمان والمكان، استوى عندهم الأمس واليوم والغد، والقرب والبعد، والعلو والسفل ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"أمتي كالمطر لا تدري أولهم خير أم آخرهم" وقد ألمت آخرين من إخوانه، وقال: "واشوقاه إلى لقاء إخواني" ، { وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ } [الأنفال: 75] هم أولوا رحم الوصول في كتاب علم الله السابق كقوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } [الأنبياء: 101] إن الله بكل شيء في الأزل، { إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [الأنفال: 75] من المقبولين والمردودين، ومن الواصلين والمنقطعين.