خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً
١٩
إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوۤاْ إِذاً أَبَداً
٢٠
-الكهف

مجمع البيان في تفسير القرآن

القراءة: قرأ أبو عمرو وأبو بكر وحمزة وخلف بِوَرْقكم ساكنة الراء والباقون بكسر الراء وروي عن أبي عمرو بإدغام الكاف في القاف, وفي الشواذ قراءة أبي رجاء بورقكم بكسر الواو والإدغام.
الحجة: في ورقكم أربع لغات فتح الواو وكسر الراء وهو الأصل وفتح الواو وسكون الراء وكسر الواو وسكون الراء والإدغام قال ابن جني هذا عند أصحابنا مخفي غير مدغم لكنه أخفى كسرة القاف فظنها القراء مدغمة ومعاذ الله لو كانت مدغمة لوجب نقل كسرة القاف إلى الراء كقولهم برد وبرق وللقراء في هذا عادة أن يعبروا عن المخفي بالمدغم للطف ذلك عليهم.
الإعراب: كم لبثتم تقديره كم يوماً لبثتم فكم منصوبة بلبثتم والمميز محذوف ألا ترى أن جوابه لبثنا يوماً أو بعض يوم فلينظر أيها أزكى طعاماً الجملة التي هي أيها أزكى مفعول فلينظر وطعاماً تمييز.
المعنى: { وكذلك بعثناهم } معناه وكما فعلنا بهم الأمور العجيبة وحفظناهم تلك المدة المديدة بعثناهم من تلك الرقدة وأحييناهم من تلك النومة التي أشبهت الموت { ليتساءلوا بينهم } أي ليكون بينهم تساؤل وتنازع واختلاف في مدة لبثهم فينتبهوا بذلك على معرفة صانعهم ويزدادوا يقيناً إلى يقينهم { قال قائل منهم كم لبثتم } في نومكم { قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم } قال المفسرون إنهم دخلوا الكهف غدوة وبعثهم الله في آخر النهار فلذلك قالوا يوماً فلما رأوا الشمس قالوا أو بعض يوم وكان قد بقيت من النهار بقية { قالوا ربكم أعلم بما لبثتم } وهذا القائل هو تمليخا رئيسهم عن ابن عباس ردَّ علم ذلك إلى الله تعالى { فابعثوا أحدكم بورقكم هذه } والورق الدراهم وكان معهم دراهم عليها صورة الملك الذي كان في زمانهم عن ابن عباس { إلى المدينة } يعني المدينة التي خرجوا منها { فلينظر أيها أزكى طعاماً } أي أطهر وأحل ذبيحة عن ابن عباس قال لأنَّ عامتهم كانت مجوساً وفيهم قوم مؤمنون يخفون إيمانهم. وقيل: أطيب طعاماً عن الكلبي. وقيل: أكثر طعاماً من قولهم زكى المال إذا زاد عن عكرمة وذلك لأن خير الطعام إنما يوجد عند من كثر طعامه. وقيل: كان من طعام أهل المدينة ما لا يستحله أصحاب الكهف.
{ فليأتكم برزق منه } أي فليأتكم بما ترزقون أكله { وليتلطف } أي وليدقق النظر ويتحيل حتى لا يطلع عليه. وقيل: وليتلطف في الشراء فلا يماكس البائع ولا ينازعه { ولا يشعرن بكم أحداً } أي لا يخبرنَّ بكم ولا بمكانكم أحداً من أهل المدينة { إنهم إن يظهروا عليكم } أي يشرفوا ويطلعوا عليكم ويعلموا بمكانكم { يرجموكم } أي يقتلوكم بالرجم وهو من أخبث القتل عن الحسن. وقيل: معناه يؤذوكم ويشتموكم يقال رجمه بلسانه عن ابن جريج { أو يعيدوكم في ملتهم } أي يردُّوكم إلى دينهم { ولن تفلحوا إذاً أبداً } معناه ومتى فعلتم ذلك لن تفوزوا أبداً بشيء من الخير ومتى قيل من أكره على الكفر فأظهره فإنه مفلح فكيف تصحُّ الآية فالجواب يجوز أن يكون أراد يعيدوكم إلى دينهم بالاستدعاء دون الإكراه ويجوز أن يكون في ذلك الوقت كان لا يجوز التقية في إظهار الكفر.