خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً
٨٨
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً
٨٩
حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً
٩٠
كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً
٩١
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً
٩٢
-الكهف

مجمع البيان في تفسير القرآن

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر ويعقوب فله جزاء بالنصب والتنوين. والباقون جزاءُ الحسنى بالرفع والإضافة.
الحجة: قال أبو علي من قال فله جزاءُ الحسنى كان المعنى فله جزاء الخلال الحسنى التي عملها لأن الإيمان والعمل الصالح خلال, ومن قال فله جزاءَ الحسنى فالمعنى له الحسنى جزاءً فجزاءً مصدر وقع موضع الحال أي فله الحسنى مجزية وقال أبو الحسن وهذا لا يكاد العرب تتكلم به مقدماً إلا في الشعر.
المعنى: { وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاء الحسنى } مرَّ معناه { وسنقول له من أمرنا يسراً } أي سنقول له قولاً جميلاً وسنأمره بما يتيسر عليه ولا نؤاخذه بما مضى من كفره { ثم أتبع سبباً } أي طريقاً آخر من الأرض ليؤديه إلى مطلع الشمس ويوصله إلى المشرق.
{ حتى إذا بلغ مطلع الشمس } أي بلغ موضع ابتداء العمارة من الجانب الذي تطلع منه الشمس { وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً } معناه أنه لم يكن بها جبل ولا شجر ولا بناء لأن أرضهم لم يكن يثبت عليها بناء فكانوا إذا طلعت الشمس يغورون في المياه والأسراب وإذا غربت تصرفوا في أمورهم عن الحسن وقتادة وابن جريج. وروى أبو بصير عن أبي جعفر (ع) قال لم يعلموا صنعة البيوت وقوله كذلك معناه مثل ذلك القبيل الذي كانوا عند مغرب الشمس في أن حكمهم حكم أولئك قيل إن معناه أنه اتبع سبباً إلى مطلع الشمس مثل ما أتبع سبباً إلى مغرب الشمس وتمَّ الكلام عند قوله: { كذلك } ثم ابتدأ سبحانه فقال { وقد أحطنا بما لديه خبراً } أي علمنا ما كان عند ذي القرنين من الجيوش والعدة وآلات السياسة. وقيل: معناه أحطنا علماً بصلاحه واستقلاله بما ملكناه قبل أن يفعله كما علمناه بعد أن فعله ولم يخف علينا حاله وفي قوله بما لديه إشارة إلى حسن الثناء عليه والرضا بأفعاله لامتثاله أمر الله تعالى في كل أحواله { ثم أتبع سبباً } معناه ثم اتبع مسلكاً بالغاً مما يبلغه قطراً من أقطار الأرض وهذا يقوي قول من قال إن الأرض كروية الشكل لأنه لم يأخذ في الطريق الذي كان قد عاد فيه وإنما أخذ في طريق آخر.