خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَٱلْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَٱقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ
١٩١
-البقرة

مجمع البيان في تفسير القرآن

القراءة: قرأ حمزة والكسائي ولا تقتلوهم حتى يقتلوكم فإن قتلوكم كُلٌّ بغير ألف والباقون بألف في جميع ذلك.
الحجة: من قرأها بغير ألف فإنما اتّبع المصاحف لأنه كتب في المصاحف بغير الألف ومن قرأ بالألف فقال إنما تحذف الألف في الخط كما في الرحمن.
اللغة: ثقفته أثقَفه ثَقْفاً وثَقافة أي وجدته ومنه قولـهم رجل ثَقِف لَقِف أي يجد ما يطلبه وثُقف الرجل ثَقافة فهو ثَقْف وثَقِف ثقفاً بالتحريك فهو ثِقْف إذا كان سريع التعلم والثِقاف حديدة يقوم بها الرماح المعوجة والتثقيف التقويم والفتنة أصلـها الاختبار ثم ينصرف إلى معان منها الابتلاء نحو قولـه
{ فتنّاك فتوناً } [طه: 40] أي ابتليناك ابتلاء على أثر ابتلاء ومنها العذاب كقولـه جعل فتنة الناس كعذاب الله ومنها الصَدّ عن الدين نحو قولـه { واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك } [المائدة: 49] والمراد بها في الآية الشرك بالله وبرسولـه.
الإعراب: حيث فيه ثلاث لغات ضمّ الثاء وفتحها وكسرها فالضم لشبهها بالغاية نحو قبل وبعد لأنه منع الإضافة إلى المفرد مع لزومه معنى الإضافة إياه فيجري لذلك مجرى قبل وبعد في البناء على الضم والفتح لأجل البناء كما فتحت أين وكيف. والكسر لأجل أنه الأصل في التحريك لالتقاء الساكنين والجملة بعد حيث في موضع جرّ بإضافة حيث إليها في الموضعين وتقاتلوا منصوب بإضمار أن وهو صلة أن والموصول والصلة في محل جر بحتى وحتى يتعلق بتقاتلوهم.
النزول: نزلت في سبب رجل من الصحابة قتل رجلاً من الكفار في الشهر الحرام فعابوا المؤمنين بذلك فبيّن الله سبحانه أن الفتنة في الدين وهو الشرك أعظم من قتل المشركين في الشهر الحرام وإن كان غير جائز.
المعنى: ثم خاطب الله تعالى المؤمنين مبيّناً لـهم كيفية القتال مع الكافرين فقال { واقتلوهم } أي الكفار { حيث ثقفتموهم } أي وجدتموهم { وأخرجوهم من حيث أخرجوكم } يعني أخرجوهم من مكة كما أخرجوكم منها { والفتنة أشد من القتل } أي شركهم بالله وبرسولـه أعظم من القتل في الشهر الحرام وسمّي الكفر فتنة لأن الكفر يؤدي إلى الـهلاك كما أن الفتنة تؤدي إلى الـهلاك وقيل لأن الكفر فساد يظهر عند الاختبار وقولـه { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه } نهى عن ابتدائهم بقتال أو قتل في الحرم حتى يبتدىء المشركون بذلك { فإن قاتلوكم } أي بدأوكم بذلك { فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين } أن يُقتلوا حيث ما وجدوا وفي الآية دلالة على وجوب إخراج الكفار من مكة كقولـه حتى لا تكون فتنة والسنة قد وردت أيضاً بذلك وهو قولـه صلى الله عليه وسلم:
"لا يجتمع في جزيرة العرب دينان" .