خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسْتَغْفِرُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٩٩
-البقرة

مجمع البيان في تفسير القرآن

اللغة: الاستغفار طلب المغفرة والغفرة: التغطية للذنب والفرق بين غفور وغافر أن في غفور مبالغة لكثرة المغفرة فأما غافر فيستحق الوصف به من وقع منه الغفران والعفو: هو المغفرة وقد فرّق بينهما بأن العفو: ترك العقاب على الذنب والمغفرة: تغطية الذنب بإِيجاب المثوبة ولذلك كثرت المغفرة في صفات الله دون صفات العباد فلا يقال استغفر السلطان كما يقال استغفر الله.
المعنى: { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } قيل فيه قولان أحدهما: أن المراد به الإفاضة من عرفات وأنه أمر لقريش وحلفائها وهم الحُمْس لأنهم كانوا لا يقفون مع الناس بعرفة ولا يفيضون منها ويقولون: نحن أهل حرم الله نخرج منه وكانوا يقفون بالمزدلفة ويفيضون منها فأمرهم الله بالوقوف بعرفة والإفاضة منها كما يفيض الناس والمراد بالناس سائر العرب عن ابن عباس وعائشة وعطاء ومجاهد والحسن وقتادة وهو المرويّ عن الباقر (ع) وقال الضحاك: إنه أمر لجميع الحاج أن يفيضوا من حيث أفاض إبراهيم عن الضحاك قال: ولمّا كان إبراهيم إِماماً كان بمنزلة الأمة فسماه وحده ناساً-
والثاني:- أن المراد به الإِفاضة من المزدلفة إلى منى يوم النحر قبل طلوع الشمس للرمي والنحر عن الجبائي قال: والآية تدل عليه لأنه قال: فإِذا أفضتم من عرفات ثم قال: ثم أفيضوا فوجب أن يكون إفاضة ثانية فدل ذلك على أن الإِفاضتين واجبتان والناس المراد به إبراهيم كما أنه في قولـه
{ الذين قال لـهم الناس } [آل عمران: 173] نعيم بن مسعود الأشجعي وقيل: إِن الناس إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ومن بعدهم من الأنبياء عن أبي عبد الله ومما يسأل على الأول أن يقال: إِذا كان ثُمّ للترتيب فما معنى الترتيب هاهنا وقد روى أصحابنا في جوابه: أن هاهنا تقديماً وتأخيراً وتقديره { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم } { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } { فإِذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام } { واستغفروا الله إِن الله غفور رحيم } وقيل: أراد بالناس آدم عن سعيد بن جبير والزهري وقيل: هم أهل اليمن وربيعة عن الكلبي وقيل: هم العلماء الذين يعلمون الدين ويعلّمونه الناس { واستغفروا الله } أي: أطلبوا المغفرة منه بالندم على ما سلف من المعاصي { إِن الله غفور } أي: كثير المغفرة { رحيم } واسع الرحمة.