خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ
٢١٥
-البقرة

مجمع البيان في تفسير القرآن

اللغة: النفقة إخراج الشيء من الملك ببيع أو هبة أو صلة أو نحو ذلك وقد غلب في العرف على إخراج ما كان من المال من عين أو ورق والسؤال طلب الجواب بصيغة مخصوصة من الكلام.
الإعراب: موضع ما من قولـه: { ماذا ينفقون } يحتمل أن يكون مرفوعاً أو منصوباً فأما الرفع فيكون على تقدير ما الذي ينفقون أي أي شيء الذي ينفقونه والعائد من الصلة محذوف ويكون ذا موصولاً بمنزلة الذي و ينفقون صلته والنصب على تقدير أي شيء ينفقون فيكون ما وذا بمنزلة شيء واحد ويكون ذا لغوا لأن ما مفيدة للمعنى وما من قولـه ما أنفقتم اسم للشرط في محل الرفع بالابتداء وأنفقتم في محل الجزم بما من خير جار ومجرور في موضع الحال ومن للتبيين وتقديره ما أنفقتم كائناً مِن خير فذو الحال الضمير المحذوف من الصلة فللوالدين الجار والمجرور خبر مبتدأ محذوف والمبتدأ والخبر في محل الرفع لوقوعهما بعد الفاء والفاء مع ما بعده جواب للشرط ومعنى حرف الشرط الذى تضمنه ما مع الشرط والجزاء في موضع رفع لأنها خبر المبتدأ الأول: { وما تفعلوا } ما اسم شرط في محل النصب بتفعلوا ويجوز أن يكون ما في أنفقتم منصوب الموضع بأنفقتم فيكون مفعولاً لـه.
النزول: نزلت في عمرو بن الجموح وكان شيخاً كبيرا ذا مال كثير فقال يا رسول الله بماذا أتصدق وعلى مَنْ أتصدق فأنزل الله هذه الآية.
المعنى: { يسألونك } يا محمد: { ماذا } أي أيّ شيء ينفقون والسؤال عن الإنفاق يتضمن السؤال عن المنفق عليه فإنهم قد علموا أن الأمر وقع بإنفاق المال فجاء الجواب ببيان كيفية النفقة وعلى من ينفق فقال: قل يا محمد { ما أنفقتم من خير } أي مال فدلّ على أن لـه مقداراً وأنه مما ينتفع به لأن ما لا ينتفع به لا يسمى خيراً: { فللوالدين والأقربين } والمراد بالوالدين: الأب والأم والجد والجدة وإن علوا لأنهم يدخلون في اسم الوالدين والمراد بالأقربين أقارب المعطي: { واليتامى } أي كل من لا أب لـه مع صغره: { والمساكين } الفقراء: { وابن السبيل } المنُقَطع به واختلفوا في هذه النفقة فقال الحسن: المراد به نفقة التطوع على من لا يجوز وضع الزكاة عنده والزكاة لمن يجوز وضع الزكاة عنده فهي عامة في الزكاة المفروضة وفي التطوع. وقال السدي: الآية واردة في الزكاة ثم نسخت ببيان مصاريف الزكاة والأول أظهر لأنه لا دليل على نسخها، واتفق العلماء على أنه لا يجوز دفع الزكاة إلى الأب والأم والجد والجدة وإلى الأولاد فأما النفقة فلا خلاف أن النفقة على الوالدين إذا كانا فقيرين واجبة وأما النفقة على ذي الرحم فلا يجب عندنا وعند الشافعي ويجب عند أبي حنيفة وقولـه: { وما تفعلوا من خير } أي من عمل صالح يقربكم إلى الله: { فإن الله به عليم } يجازيكم به من غير أن يَضيعَ منه شيء لأنه تعالى لا يخفى عليه شيء.
النظم: ووجه اتصال هذه الآية بما قبلـها أنّ الآية الأولى فيها دعاء إلى الصبر على الجهاد في سبيل الله وفي هذه الآية بيان لوجه النفقة في سبيل الله وكل ذلك دعاء إلى فعل البرّ والطاعة.