خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَٱللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
٢٦١
-البقرة

مجمع البيان في تفسير القرآن

اللغة: النبت الحشيش وكل ما ينبت من الأرض يقال نبت نبتاً ونباتاً وأنبته الله إنباتاً والينبوت شجر الخشخاش وأنبت الغلام إذا راهق واستبان شعر عانته والسنبلة على وزن فنعلة كقولـهم أسبل الزرع بمعنى سنبل إذا صار فيه السنبل والأصل فيه الإسبال وهو إرسال الستر ونحوه فكما يسترسل الستر بالإسبال يسترسل الزرع بالسنبل ولأنه صار فيه حبّ مستور كما يستر بالإسبال والمائة معروفة يقال أَمْأَت الغنم إذا بلغت مائة وآمْأَيْتُها أنا أي وفيتها مائة والمَأْيُ الفساد بين القوم.
المعنى: { مثل الذين ينفقون أموالـهم في سبيل الله } قيل تقديره مثل صدقات الذين ينفقون أموالـهم كمثل حبة وقيل تقديره مثل الذين ينفقون كمثل زارع حبة وسبيل الله هو الجهاد وغيره من أبواب البر كلـها على ما تقدم بيانه فالآية عامة في النفقة في جميع ذلك وهو المروي عن أبي عبد الله (ع) واختاره أبو علي الجبائي وقيل هي خاصة بالإنفاق في الجهاد فأما غيره من الطاعات فإنما يجزي بالواحد عشرة أمثالـها: { كمثل حبة أنبتت } أي أخرجت: { سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة } يعني أن النفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف ومتى قيل هل رأى في سنبلة مئة حبة حتى يضرب المثل بها فجوابه: إن ذلك متصور وإن لم ير كقول امرىء القيس:

ومسنونة زرق كأنياب أغوالِ

وقولـه تعالى: { طلعها كأنه رؤوس الشياطين } [الصافات: 65] وأيضاً فقد رأى ذلك في الجاورس ونحوه: { والله يضاعف لمن يشاء } أي يزيد على سبعمائة لمن يشاء وقيل معناه يضاعف هذه المضاعفة لمن يشاء وروي عن ابن عمر أنه قال لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رب زد أمتي" " فنزل قولـه { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه لـه أضعافاً كثيرة } قال: "رب زد أمتي" فنزل: { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } وقولـه: { والله واسع } أي واسع القدرة لا يضيق عنه ما شاء من الزيادة وقيل واسع الرحمة لا يضيق عن المضاعفة: { عليم } بما يستحق الزيادة عن ابن زيد وقيل عليم بما كان من النفقة وبنية المنفق وما يقصده من الإنفاق.
النظم: اتصلت هذه الآية بقولـه من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً وما بين الآيتين اعتراض بالاستدعاء إلى الحق وبيان الحجج والعبر عن علي بن عيسى وقيل لما قصَّ تعالى ما فيه البرهان على التوحيد وما آتى رسلـه من البينات حثّ على الجهاد وأعلم أن من عاند بعد هذه الدلالات يجب قتالـه فحث على قتال من كفر بعد هذا البرهان وبين أن في جهادهم والنفقة فيهم الثواب العظيم عن الزجاج.