خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
٢٧٧
-البقرة

مجمع البيان في تفسير القرآن

المعنى: هذه الآية ظاهرة المعنى وقد مر تفسيرها فيما مضى وإنما جمع بين هذه الخصال لا لأن الثواب لا يستحق على كل واحدة منها إذ لو كان كذلك لكان فيه تصغير من كل واحدة منها ولكن جمع بينها للترغيب في الأَعمال الصالحة والتفخيم لأَمرها والتعظيم بشأنها أو لبيان أن الجمع بين هذه الخصال أعظم أجراً من الإفراد بواحدة منها ونظيره قولـه سبحانه: { والذين لا يدعون مع الله إلـهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله } [الفرقان: 68] الآية فجمع بين هذه الخصال في الوعيد ليبين أن الوعيد يستحق بكل واحدة منها وللتحذير عن كل خصلة منها لأَن من المعلوم أن من دعا مع الله إلـهاً آخر لا يحتاج إلى شرط عمل آخر في استحقاق الوعيد إذ لو كان الوعيد إنما يستحق بمجموع تلك الخصال لكان فيه تسهيل لكل واحد منها وقد ذكرنا أن أمثال هذه الآية تدل على أن الإِيمان ليس من أفعال الجوارح ولا مشتملاً عليها إذ لو كان كذلك لما صار لعطفها عليه معنى لأن الشيء لا يعطف على نفسه فإن قالوا إن ذلك يجري مجرى قولـه { { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله } [النحل: 88] { { والذين كفروا وكذبوا بآياتنا } [الحديد: 19] فنقول إن الخلاف ها هنا كالخلاف هناك لأَن التكذيب عندنا ليس بالكفر نفسه وإنما هو دلالة على الكفر وكذلك الصد عن سبيل الله واستدل بهذه الآية وأمثالـها في بطلان التحابط لأَنه تعالى ضمن الثواب بنفس هذه الخصال ولم يشترط أن لا يؤتى بما يحبطها فإن قالوا لا بدّ من هذا الشرط كما أن الوعيد على الكفر لا بد أن يكون مشروطاً بارتفاع التوبة فالجواب أن التوبة إنما صارت شرطاً هناك لمكان إجماع المسلمين لا لأَن التوبة مسقطة للعقاب وإنما وعد الله تعالى بإسقاط العقاب عندها تفضلاً منه سبحانه ولا إجماع على ما أدعوه من الشرط في آيات الوعد فبان الفرق بين الأَمرين.