خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ
٤١
فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ
٤٢
وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ وَقَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ
٤٣
وَمَآ آتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ
٤٤
وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَآ ءَاتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُواْ رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
٤٥
-سبأ

مجمع البيان في تفسير القرآن

الإعراب: { بينات } نصب على الحال وآباؤكم فاعل يعبد واسم كان محذوف يفسّره آباؤكم والتقدير عما كان آباؤكم يعبدون. { يدرسونها } يجوز أن يكون في محل جرّ صفة لكتب ويجوز أن يكون في محل نصب على موضع الجار والمجرور لأن المعنى وما آتيناهم كتباً مدرسة { فكيف كان نكير } كيف خبر كان ونكير اسمه والنكير معتز مثل عذير في قوله:

عَذِيرَ الحَيّ مِنْ عَدوانَ كانُوا حَيَّة الأَرْضِ

المعنى: أي قالت الملائكة { سبحانك } أي تنزيهاً لك عن أن نعبد سواك ونتخذ معبوداً غيرك { أنت } يا الله { ولينا } أي ناصرنا وأولى بنا { من دونهم } أي دون هؤلاء الكفار ودون كل أحد وما كنا نرضى بعبادتهم إيانا مع علمنا بأنك ربنا وربهم { بل كانوا يعبدون الجن } بطاعتهم إياهم فيما دعوهم إليه من عبادة الملائكة. وقيل: المراد بالجن إبليس وذريته وأعوانه و { أكثرهم بهم مؤمنون } أي مصدّقون بالشياطين مطيعون لهم.
ثم يقول الله سبحانه { فاليوم } يعني في الآخرة { لا يملك بعضكم لبعض } يعني العابدين والمعبودين { نفعاً ولا ضراً } أي نفعاً بالشفاعة ولا ضراً بالتعذيب { ونقول للذين ظلموا } بأن عبدوا غير الله { ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون } أي لا تعترفون بها وتجحدونها.
ثم عاد سبحانه إلى الحكاية عن حال الكفار في الدنيا فقال { وإذا تتلى عليهم آياتنا } أي تقرأ عليهم حججنا { بينات } أي واضحات من القرآن الذي أنزلناه على نبينا { قالوا } عند ذلك { ما هذا إلا رجل يريد أن يصدَّكم } أي يمنعكم { عما كان يعبد آباؤكم } فزعوا إلى تقليد الآباء لما معوزتهم الحجة { وقالوا ما هذا } القرآن { إلا إفك } أي كذب { مفترى } قد تخرصه وافتراه { وقال الذين كفروا للحق } أي للقرآن { لما جاءهم إن هذا } أي ليس هذا { إلا سحر مبين } أي ظاهر.
ثم أخبر سبحانه أنهم لم يقولوا ذلك عن بينة فقال { وما آتيناهم من كتب يدرسونها } أي وما أعطينا مشركي قريش كتاباً قطّ يدرسونه فيعلمون بدرسه أنّ ما جئت به حق أو باطل وإنما يكذّبونك بهواهم من غير حجة { وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير } أي رسول أمرهم بتكذيبك وأخبرهم ببطلان قولك يعني أنهم لا يرجعون في تكذيبك إلا إلى الجهل والعناد وأتباع الهوى.
ثم أخبر سبحانه عن عاقبة من كذب الرسل قبلهم تخويفاً لهم فقال { وكذب الذين من قبلهم } بمن بعث إليهم من الرسل وما آتاهم الله من الكتب { وما بلغوا معشار ما آتيناهم } أي وما بلغ قومك يا محمد معشار ما أعطينا من قبلهم من القوة وكثرة المال وطول العمر فأهلكهم الله عن ابن عباس وقتادة { فكذَّبوا رسلي فكيف كان نكير } أي عقوبتي وتغييري حالهم. وقيل: معناه انظر في آثارهم كيف كان إنكاري عليهم بالهلاك عن ابي مسلم والمراد إنا كما أهلكنا أولئك حين كذَّبوا رسلنا فليحذر هؤلاء مثل ما نزل بهم من الهلاك والاستئصال.