المعنى: هذا تمام الحكاية عن الكفار الذين قالوا {وما كان لنا عليكم من سلطان} ثم قالوا {فحقّ علينا قول ربنا} أي وجب علينا قول ربّنا بأنا لا نؤمن ونموت على الكفر أو وجب علينا العذاب الذي نستحقه على الكفر والإغواء {إنا لذائقون} العذاب الذي نستحقه على الكفر أي ندركه كما ندرك المطعوم بالذوق.
ثم يعترفون بأنهم أغووهم بأن قالوا {فأغويناكم} أي أضللناكم عن الحق ودعوناكم إلى الغي {إنا كنا غاوين} أي داخلين في الضلالة والغي. وقيل: معناه فخيَّبناكم إنا كنا خائبين {فإنهم يومئذٍ} أي في ذلك اليوم {في العذاب مشتركون} واشتراكهم اجتماعهم فيه والمعنى أن ذلك التخاصم لم ينفعهم إذا اجتمع الاتباع والمتبوعون كلهم في النار الاتباع بقبول الكفر والمتبوعون بالكفر وا لإغواء
{إنا كذلك نفعل بالمجرمين} أي الذين جعلوا لله شركاء عن ابن عباس. وقيل: معناه أنا مثل ما فعلنا بهؤلاء نفعل بجميع المجرمين.
ثم بيَّن سبحانه أنه إنما فعل ذلك بهم من أجل {إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون} عن قبول ذلك {ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون} أي يأنفون من هذه المقالة ويستخفون بمن يدعوهم إليها ويقولون لا ندع عبادة الأصنام لقول شاعر مجنون يعنون النبي صلى الله عليه وسلم يدعونا إلى خلافها. وقيل: لأجل شاعر عن أبي مسلم.
فرد الله هذا القول عليهم وكذبهم بأن قال {بل جاء بالحق} أي ليس بشاعر ولا مجنون لكنَّه أتى بما تقبله العقول من الدين الحق والكتاب {وصدق المرسلين} أي حقق ما أتى به المرسلون من بشاراتهم والكتاب الحق بدين الإسلام. وقيل: صدَّقهم بأن أتى بمثل ما أتوا به من الدعاء إلى التوحيد. وقيل: صدَّقهم بالنبوة
ثم خاطب الكفار فقال {إنكم} أيها المشركون {لذائقوا العذاب الأليم} على كفركم ونسبتكم إياه إلى الشعر والجنون {وما تجزون إلا ما كنتم تعملون} أي على قدر أعمالكم.
ثم استثنى من جملة المخاطبين المعذّبين فقال {إلا عباد الله المخلصين} الذين أخلصوا العبادة لله وأطاعوه في كل ما أمرهم به فإنهم لا يذوقون العذاب وإنما ينالون الثواب.