خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَهِنُواْ فِي ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
١٠٤
-النساء

مجمع البيان في تفسير القرآن

القراءة: روي في الشواذ عن عبد الرّحمن الأعرج أنْ تكونوا تألمون بفتح الألف.
الحجة: قال ابن جني أن محمولة على قولـه: { ولا تهنوا في ابتغاء القوم } لأنكم تألمون فمن اعتقد نصب أن بعد حذف الجر عنها فَإنْ هنا منصوبة الموضع وهي على مذهب الخليل مجرورة الموضع باللام المرادة وصارت أنْ لكونها حرفاً كالعوض في اللفظ من اللام.
اللغة: الوهن الضعف وهن فلان في الأمر يهن وهناً ووهوناً فهو واهن والألم الوجع والألم جنس من الأعراض يكون من فعل الله ابتداء وبسبب وقد يكون من فعل العباد بسبب والرجاء قد يستعمل بمعنى الخوف نحو قول الشاعر:

لا ترتجي حين تلاقي الزائدا أسبعة لاقت معاً أو واحدا

وقال أبو ذؤيب:

إِذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَهَا وَخَالَفَهَا فِي بَيْتِ نُوبٍ عَوَامِلِ

قال الفراء: نَوْب ونُوب وهي النحل وقال تعالى: { { ما لكم لا ترجون لله وقاراً } [نوح: 13] والمعنى لا تخافون لله عظمة وإنما استعمل على معنى الخوف لأن الرجاء أمل وقد يخاف أن لا يتم.
النزول: قيل نزلت في الذهاب إلى بدر الصغرى لموعد أبي سفيان يوم أُحد وقيل: نزلت يوم أُحد في الذهاب خلف أبي سفيان وعسكره إلى حمراء الأسد عن عكرمة.
المعنى: عاد الكلام إلى الحثّ على الجهاد فقال تعالى: { ولا تهنوا } أي ولا تضعفوا { في ابتغاء القوم } أي في طلب القوم الذين هم أعداء الله وأعداء المؤمنين من أهل الشرك { إن تكونوا } أيها المؤمنون { تألمون } مما ينالكم من الجراح منكم { فإنهم } يعني المشركون { يألمون } أيضاً مما ينالهم منكم من الجراح والأذى { كما تألمون } أي مثل ما تألمون أنتم من جراحهم وأذاهم { وترجون } أنتم أيها المؤمنون { من الله } الظفر عاجلاً والثواب آجلاً على ما ينالكم منهم { ما لا يرجون } هم على ما ينالهم منكم أي وأنتم إن كنتم موقنين من ثواب الله لكم على ما يصيبكم منهم بما هم مكذّبون به أولى وأحرى أن تصبروا على حربهم وقتالهم منهم على حربكم وقتالكم عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والسدي { وكان الله عليماً } بمصالح خلقه { حكيماً } في تدبيره إياهم وتقديره أحوالهم.
القصة: قال ابن عباس وعكرمة:
"لما أصاب المسلمين ما أصابهم يوم أُحد وصعد النبي الجبل قال أبو سفيان: يا محمد لنا يوم ولكم يوم. فقال: أجيبوه فقال المسلمون لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار فقال أبو سفيان: لنا عزى ولا عزى لكم. فقال النبي: قولوا الله مولانا ولا مولى لكم. فقال أبو سفيان: أعل هبل. فقال النبي: قولوا الله أعلى وأجل فقال أبو سفيان: موعدنا وموعدكم يوم بدر الصغرى، ونام المسلمون وبهم الكلوم" وفيهم نزلت { { إن يمسسكم قرح فقد مسّ القوم قرح مثله } [آل عمران: 14] الآية وفيهم نزلت { إن تكونوا تألمون } الآية لأن الله أمرهم على ما بهم من الجراح أن يتبعوهم وأراد بذلك إرهاب المشركين وخرجوا إلى حمراء الأسد وبلغ المشركين ذلك فأسرعوا حتى دخلوا مكة.