خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً
١٦٣
-النساء

مجمع البيان في تفسير القرآن

القراءة: قرأ حمزة وخلف زُبوراً بضم الزاي حيث وقعت، والباقون زَبوراً بفتحها.
الحجة: زُبوراً يجوز أن يكون جمع زَبور بحذف الزيادة ومثله تُخوم وتَخوم وعُذوب وعَذوب ولا نظير لهذه الثلاثة ويجوز أن يكون جمع زِبْر بمعنى المزبور كقولـهم ضرب الأمير وفسخ اليمين.
اللغة: والزَبر أحكام العمل في البئر خاصة. يقال: بئر مزبور أي مطوية بالحجارة. ويقال: ما لفلان زَبْر أي عقل وزُبْرة من الحديد قطعة منه وجمعه زُبُر وزبرت الكتاب أزْبُره زَبْراً وزَبَرته أزْبِره زَبْراً أي كتبته.
المعنى: ثم خاطب سبحانه نبيَّه بقولـه: { إنا أوحينا إليك } يا محمد قدَّمه في الذكر وإن تأخرت نبوته لتقدمه في الفضل { كما أوحينا إلى نوح } وقدّم نوحاً لأنه أبو البشر كما قال:
{ وجعلنا ذريته هم الباقين } [الصافات: 77] وقيل: لأنه كان أطول الأنبياء عمراً وكانت معجزته في نفسه لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً لم يسقط له سنّ ولم تنقص قوته ولم يَشِبْ شعره. وقيل: لأنه لم يبالغ أحد منهم في الدعوة مثل ما بالغ فيها ولم يقاس أحد من قومه ما قاساه وهو أول من عُذبِت أمتُه بسبب أن رَدَّت دعوته { والنبيين من بعده } أي وأوحينا إلى النبيين من بعد نوح.
{ وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب } أعاد ذكر هؤلاء بعد ذكر النبيين تعظيماً لأمرهم وتفخيماً لشأنهم { والأسباط } وهم أولاد يعقوب. وقيل: إن الأسباط في ولد إسحاق كالقبائل في ولد إسماعيل وقد بعث منهم عدة رسل كيوسف وداود وسليمان وموسى وعيسى فيجوز أن يكون أراد بالوحي إليهم الوحي إلى الأنبياء منهم كما تقول: أرسلت إلى بني تميم إذا أرسلت إلى وجوههم ولم يصح أن الأسباط الذين هم إخوة يوسف كانوا أنبياء { وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان } وقدَّم عيسى على أنبياء كانوا قبله لشدة العناية بأمره لغلو اليهود في الطعن فيه والواو لا يوجب الترتيب { وآتينا داود زبوراً } أي كتاباً يسمى زبوراً واشتهر به كما اشتهر كتاب موسى بالتوراة وكتاب عيسى بالإنجيل.
النظم: هذه الآية تتصل بما قبلها من قولـه:
{ { يسئلك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتاباً من السماء } [النساء: 153] وهذا يدل على أنهم قد سألوه ما يدل على نبوته فأخبر سبحانه أنه أرسله كما أرسل من تقدمه من الأنبياء وأظهر على يده المعجزات كما أظهرها على أيديهم. وقيل: إن اليهود لما تلا النبي عليهم تلك الآيات قالوا: ما أنزل الله على بشر من شيء بعد موسى فكذبهم الله بهذه الآيات إذ أخبر أنه قد أنزل على من بعد موسى من الذين سمَّاهم وممن لم يسمهم عن ابن عباس.