خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

حـمۤ
١
تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
٢
كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
٣
بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ
٤
وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَٱعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ
٥
-فصلت

مجمع البيان في تفسير القرآن

الإعراب: قال الزجّاج: تنزيل رفع بالابتداء وخبره كتاب فصّلت هذا مذهب البصريين. وقال الفراء: يجوز أن يكون تنزيل يرتفع بحم ويجوز أن يرتفع بإضمار هذا والمعنى هذا تنزيل أو هو تنزيل وقوله { قرآناً عربياً } نصب قرآناً على الحال بمعنى بيّنت آياته في حال جمعه وبشيراً ونذيراً من صفته.
المعنى: حم قد تقدّم القول فيه. وقيل في وجه الاشتراك في افتتاح هذه السور السبع بحم أنّه للمشاكلة التي بينها بما يختصّ به وليس لغيرها وذلك أنّ كل واحدة منها استفتحت بصفة الكتاب مع تقاربها في الطول ومع شدّة تشاكل الكلام في النظم { تنزيل من الرحمن الرحيم } نزل به جبرائيل على محمد صلى الله عليه وسلم.
{ كتاب فصّلت آياته } وصف الكتاب بالتفصيل دون الإجمال لأن التفصيل يأتي على وجوه البيان أي الذي بيّنت آياته بياناً تامّاً والتبيين فيه على وجوه منها تبيين الواجب ممّا ليس بواجب وتبيين الأولى في الحكمة مما ليس بأولى وتبيين الجائز مما ليس بجائز وتبيين الحق من الباطل وتبيين الدليل على الحق ممّا ليس بدليل وتبيين ما يرغب فيه ممّا لا يرغب فيه وتبيين ما يحذر منه ممّا لا يحذر منه إلى غير ذلك من الوجوه.
وقيل: فصّلت آياته بالأمر والنهي والوعد والوعيد والترغيب والترهيب والحلال والحرام والمواعظ والأمثال. وقيل: فصّلت أي نظمت آياته على أحسن نظام وأوضح بيان { وقرآناً عربيّاً } وصفه بأنه قرآن لأنه جمع بعضه إلى بعض وبأنه عربيّ لأنه يخالف جميع اللغات التي ليست بعربية وكل ذلك يدل على حدوث القرآن { لقوم يعلمون } اللسان العربي ويعجزون عن مثله فيعرفون إعجازه. وقيل: يعلمون أنّ القرآن من عند الله نزل عن الضحّاك { بشيراً ونذيراً } يبشّر المؤمن بما فيه من الوعد وينذر الكافر بما فيه من الوعيد { فأعرض أكثرهم } يعني أهل مكة عدلوا عن الإيمان بالله والتدبّر فيه { فهم لا يسمعون } أي لا يسمعونه سمعَ تفكّرٍ وقبول فكأنهم لا يسمعونه حقيقةً.
{ وقالوا قلوبنا في أكِنّة } أي في أغطية عن مجاهد والسُّدّي { مما تدعونا إليه } فلا نفقه ما تقول وإنما قالوا ذلك ليؤيسوا النبي صلى الله عليه وسلم من قبولهم دينه فكأنّهم شبّهوا قلوبهم بما يكون في غطاء فلا يصل إليه مما وراءه { وفي آذاننا وقر } أي ثقل عن استماع القرآن وصمم { ومن بيننا وبينك حجاب } أي بيننا وبينك فرقة في الدين وحاجز في النحلة فلا نوافقك على ما تقول عن الزجاج. وقيل: إنّه تمثيل بالحجاب ليؤيسوه من الإجابة عن عليّ بن عيسى { فاعمل إننا عاملون }. قيل: إنّ أبا جهل رفع ثوباً بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد أنت من ذلك الجانب ونحن من هذا الجانب فاعمل أنت على دينك ومذهبك إننا عاملون على ديننا ومذهبنا عن مقاتل. وقيل: معناه فاعمل في هلاكنا إنّا عاملون في هلاكك عن الفرّاء. وقيل: فاعمل به في إبطال أمرنا إنّا عاملون في إبطال أمرك وهذا غاية في العناد.