خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَفَلَمْ تَكُنْ ءَايَٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ
٣١
وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱلسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ
٣٢
وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
٣٣
وَقِيلَ ٱلْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ
٣٤
ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ ٱتَّخَذْتُمْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلاَ هُمْ يُسْتَعَتَبُونَ
٣٥
فَلِلَّهِ ٱلْحَمْدُ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَرَبِّ ٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٣٦
وَلَهُ ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعِزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٣٧
-الجاثية

مجمع البيان في تفسير القرآن

القراءة: قرأ حمزة وحده والساعة بالنصب والباقون بالرفع.
الحجة: قال أبو علي: الرفع على وجهين أحدهما: أن يقطع من الأول فيعطف جملة على جملة والآخر: أن يكون محمولاً على موضع أن وما عملت فيه وموضعهما رفع وأما نصب فمحمول على لفظ أنّ وموضع لا ريب فيها رفع بأنه في موضع خبر إنّ وقد عاد الذكر إلى الاسم فكأنه قال والساعة حق لأن قوله لا ريب فيها في المعنى حق قال أبو الحسن: والرفع أجود في المعنى وأكثر في كلام العرب إذا جاء بعد خبر إن اسم معطوف ويقوّيه قوله
{ { إنّ الأرض لله يورثها من يشآء من عباده والعاقبة للمتقين } [الأعراف: 128].
المعنى: ثم عقّب سبحانه الوعد بالوعيد فقال { وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم } أي فيقال لهم أفلم تكن حججي وبيّناتي تقرأ عليكم من كتابي { فاستكبرتم } أي تعظمتم عن قبولها { وكنتم قوماً مجرمين } أي كافرين كما قال
{ { أفنجعل المسلمين كالمجرمين } [القلم: 35] والفاء في قوله أفلم تكن دالة على جواب أما المحذوف.
{ وإذا قيل إنّ وعد الله حق } أي إن ما وعد الله به من الثواب والعقاب كائن لا محالة { والساعة لا ريب فيها } أي وأن القيامة لا شك في حصولها { قلتم } معاشر الكفار { ما ندري ما الساعة } وأنكرتموها { أن نظنّ إلا ظناً } ونشك فيه { وما نحن بمستيقنين } في ذلك.
{ وبدا لهم سيئات ما عملوا } أي ظهر لهم جزاء معاصيهم التي عملوها { وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون } أي جزاء استهزائهم { وقيل اليوم ننساكم } أي نترككم في العقاب { كما نسيتم لقاء يومكم هذا } أي تركتم التأهب للقاء يومكم هذا عن ابن عباس. وقيل: معناه نحلّكم في العذاب محل المنسي كما أحللتم هذا اليوم عندكم محلّ المنسي { ومأواكم النار } أي مستقركم جهنم { وما لكم من ناصرين } يدفعون عنكم عذاب الله.
{ ذلكم } الذي فعلنا بكم { بأنكم اتخذتم آيات الله هزواً } أي سخرية تسخرون منها { وغرّتكم الحياة الدنيا } أي خدعتكم بزينتها فاغتررتم بها { فاليوم لا يخرجون منها } أي من النار وقرأ أهل الكوفة غير عاصم يخرجون بفتح الياء كما في قوله
{ { يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها } [المائدة: 37] { ولا هم يستعتبون } أي لا يطلب منهم العتبى والاعتذار لأنّ التكليف قد زال. وقيل: معناه لا يقبل منهم العتبى.
ثم ذكر سبحانه عظمته فقال { فلِلَّهِ الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين } أي الشكر التام والمدحة التي لا يوازيها مدحة لله الذي خلق السماوات والأرض ودبّرهما وخلق العالمين { وله الكبرياء } أي السلطان القاهر والعظمة القاهرة والعلوّ والرفعة { في السماوات والأرض } لا يستحقهما أحد سواه وفي الحديث:
" يقول الله سبحانه الكبرياء ردائي والعظمة أزاري فمن نازعني واحدة منهما ألقيته في جهنم" " { وهو العزيز } في جلاله { الحكيم } في أفعاله. وقيل: العزيز في انتقامه من الكفار والحكيم فيما يفعله بالمؤمنين والأخيار.