خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ
١١١
-الأنعام

مجمع البيان في تفسير القرآن

القراءة: قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب قُبُلاً بضمتين ها هنا وفي الكهف قِبَلا بكسر القاف وفتح الباء وقرأ أبو جعفر ها هنا بكسر القاف وفي الكهف بالضم وقرأ نافع وابن عامر قِبَلا بكسر القاف في موضعين وقرأ أهل الكوفة بضم القاف في السورتين.
الحجة: قبلاً يحتمل أن يكون جمع قبيل بمعنى الكفيل ويجوز أن يكون بمعنى الصنف كما فسرّ أبو عبيدة ويجوز أن يكون بمعنى قِبَل أي مواجهة كما فسره أبو زيد في قولـه لقيت فلاناً قِبَلا وقَبَلا وقُبُلا ومقابلة وقبيلاً كله واحد وهو المواجهة فالمعنى في القراءتين على قولـه واحد وإن اختلف اللفظان.
اللغة: الحشر الجمع مع سوق وكل جمع حشر.
المعنى: ثُمَّ بينَّ سبحانه حالهم في عنادهم وترددهم في طغيانهم وكفرهم فقال { ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة } حتى يروهم عياناً يشهدون لنبينا بالرسالة { وكلمهم الموتى } أي وأحيينا الموتى حتى كلموهم بالتوحيد وشهدوا لمحمد بالرسالة { وحشرنا } أي جمعنا { عليهم كل شيء } أي كل آية. وقيل: كل ما سألوه { قبلاً } أي معاينة ومقابلة حتى يواجهوها عن ابن عباس وقتادة ومعناه أنهم من شدة عنادهم وتركهم الانقياد والإِذعان للحق يشكّون في المشاهدات التي لا يُشكّ فيها ومثله قولـه
{ { وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركوم } [الطور: 44] وقبلاً أي قبيلاً قبيلاً يعني جماعة جماعة عن مجاهد هذا إذا حملت قبلاً على جمع القبيل الذي هو الصنف وإنما كانت تبهر هذه الآية لأَنه ليس في العرف أن يجتمع جميع الأَشياء وتنحشر إلى موضع. وقيل: كفلاء عن الفراء وهذا الوجه فيه بعد لأَنهم إذا لم يؤمنوا عند إنزال الملائكة إليهم وكلام الموتى فأن لا يؤمنوا بالكفالة أجدر إلاَّ أن يكون المراد حشر كل شيء وفي الأَشياء المحشورة ما لا ينطق فإذا نطق بالكفالة ما لا ينطق كان خارقاً للعادة.
{ ما كانوا ليؤمنوا } عند هذه الآيات { إلاّ أن يشاء الله } أن يجبرهم على الإِيمان عن الحسن وهو المروي عن أهل البيت (ع) والمعنى أنهم قط لا يؤمنون مختارين إلاّ أن يكرهوا.
{ ولكن أكثرهم يجهلون } أن الله قادر على ذلك. وقيل: معناه يجهلون أنهم لو أوتوا بكل آية ما آمنوا طوعاً. وقيل: معناه يجهلون مواضع المصلحة فيبطلون ما لا فائدة فيه وفي الآية دلالة على أن الله سبحانه لو علم أنه إذا فعل ما اقترحوه من الآيات آمنوا لفعل ذلك ولكان ذلك من الواجب في حكمته لأَنه لو لم يجب ذلك لم يكن لتعليله بأنه لم يظهر هذه الآيات لعلمه بأنه لو فعلها لم يؤمنوا معنى وفيها أيضاً دلالة على أن إرادته محدثة لأَن الاستثناء يدل على ذلك إذ لو كانت قديمة لم يجز هذا الاستثناء ولم يصح كما كان لا يصح لو قال ما كانوا ليؤمنوا إلاّ أن يعلم الله وإلاَّ أن يقدر الله لحصول هاتين الصفتين فيما لم يزل ومتى قيل فلم لا يقال أنهم لم يؤمنوا لأَنه سبحانه يعلم أنه لم يشأ فالقول فيه أنه لو كان كذلك لكان وقوع الإِيمان منهم موقوفاً على المشيئة سواء كانت الآيات أم لم تكن وفي هذا إبطال للآيات.