خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ
٢٩
-التوبة

مجمع البيان في تفسير القرآن

اللغة: الدين في الأَصل الطاعة قال زهير:

لَئِنْ حَلَلْـــتَ بِخَوٍّ في بني أَسَدٍ في دينِ عَمْروٍ وَحالَتْ بَيْنَنا فَدَكُ

والجزية فعلة من جزى يجزي مثل القَعدة والجلسة وهي عطية مخصوصة وجزاء لهم على تمسكهم بالكفر عقوبة لهم عن علي بن عيسى والصفار والذل والنكال الذي يصغر قدر صاحبه يقال: صغر يصغر صغاراً فهو صاغر.
الإِعراب: عن يد في موضع نصب على الحال أي نقداً كما يقال: باعه يداً بيد.
النزول: قيل: هذه الآية نزلت حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرب الروم فغزا بعد نزولها غزوة تبوك عن مجاهد. وقيل: هي على العموم.
المعنى: ثم بيَّن الله سبحانه ان من الكفار من يجوز تبقيته بالجزية فقال { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } يعني الذين لا يعترفون بتوحيد الله ولا يقرُّون بالبعث والنشور وهذا يدلُّ على صحة ما يذهب أصحابنا إليه من أنه لا يجوز أن يكون في جملة الكفار من هو عارف بالله وإن أقرَّ باللسان وإنما يكونون معتقدين لذلك اعتقاداً ليس بعلم لأَنه صريح في أن أهل الكتاب الذين يؤخذ منهم الجزية لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ومن قال: إنه يجوز أن يكونوا عارفين بالله قال: إن الآية خرجت مخرج الذم لهم لأَنهم بمنزلة من لا يقرّ به في عظم الجرم قال الجبائي: لأنهم يضيفون إليه ما لا يليق به فكأنهم لا يعرفونه وإنما جمعت هذه الأَوصاف لهم ولم يذكروا بالكفار من أهل الكتاب للتحريض على قتالهم لما هم عليه من صفات الذم التي توجب البراءة منهم والعداوة لهم.
{ ولا يحرّمون ما حرم الله ورسوله } موسى وعيسى عليهما السلام من كتمان نعت محمد صلى الله عليه وسلم وقيل: يعني ما حرَّمه محمد صلى الله عليه وسلم { ولا يدينون دين الحق } وقيل: الحق ها هنا هو الله تعالى أي دين الله والعمل بما في التوراة من اتباع نبينا (ع) وقيل: الحق هو الله ودينه الإِسلام عن قتادة وقيل: معناه ولا يطيعون الله طاعة أهل الإِسلام عن أبي عبيدة. وقيل: معناه لا يعترفون بالإِسلام الذي هو الدين الحق { من الذين أوتوا الكتاب } وصف الذين ذكرهم بأنهم من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى وقال أصحابنا: إن المجوس حكمهم حكم اليهود والنصارى { حتى يعطوا الجزية عن يد } أي نقداً من يده إلى يد من يدفعه إليه من غير نائب كما يقال: كلمته فماً بفم وقيل: معناه عن قدرة لكم عليهم وقهر لهم كما يقال: كان اليد لفلان. وقيل: يدلكم عليهم ونعمة تسدونها إليهم بقبول الجزية منهم { وهم صاغرون } أي ذليلون مقهورون يجرون إلى الموضع الذي يقبض منهم فيه بالعنف حتى يؤدوها. وقيل: هو أن يعطوا الجزية قائمين والآخذ جالس عن عكرمة.