خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ
٨٦
رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ
٨٧
لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٨٨
أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
٨٩
-التوبة

مجمع البيان في تفسير القرآن

اللغة: قال الزجاج الخوالف النساء لتخلفهن عن الجهاد ويجوز أن يكون جمع خالفة في الرجال والخالف والخالفة الذي هو غير نجيب ولم يأت في فاعل فواعل صفة إلا في حرفين قالوا فارس وفوارس وهالك وهوالك والطبع والختم بمعنى واحد والخيرات المنافع التي تسكن النفس إليها وترتاح لها من النساء الحسان وغيرهن من نعيم الجنان وأحدها خيرة قال الشاعر:

وَلَقَدْ طَعَنْتُ مَجامِعَ الرَّبَلاتِ رَبَلاتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ المَلَكاتِ

وقال المبرد: الخيرات الجواري الفاضلات جمع خيرة. وقيل: يجوز أن يكون خيرة بالتشديد فخففت نحو هين وهين والأعداد جعل الشيء مهيئاً لغيره وأصله من العدد لأنه قد عدد الله جميع ما يحتاج إلى تقديمه له من الأمور ومثله اتخاذ الأعتاد.
الإعراب: { أن آمنوا } في موضع نصب بحذف حرف الجر على تقدير بأن آمنوا أي بالإيمان ولا يجوز الحذف مع صريح المصدر.
المعنى: ثم بيَّن سبحانه تمام أخبار المنافقين فقال: { وإذا أنزلت سورة } من القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم { أن آمنوا بالله } أي بأن آمنوا وهو خطاب للمؤمنين وأمر لهم بأن يدوموا على الإيمان ويتمسكوا به في مستقبل الأوقات ويدخل فيه المنافق ويتناوله الأمر بأن يستأنف الإيمان ويترك النفاق { وجاهدوا مع رسوله } أي أخرجوا إلى الجهاد معه فكأنه قال آمنوا أنتم وادعوا إلى الإيمان غيركم { استأذنك } أي طلب الإذن منك في القعود { أولوا الطول } أي أولو المال والقدرة والغنى عن ابن عباس وغيره { منهم } أي من المنافقين { وقالوا ذرنا } أي دعنا { نكن مع القاعدين } أي المتخلفين عن الجهاد من النساء والصبيان وإنما لحق هؤلاء الذم لأنهم أقوى على الجهاد: { رضوا بأن يكونوا مع الخوالف } أي رضوا لنفوسهم أن يقعدوا مع النساء والصبيان والمرضى والمقعدين { وطبع على قلوبهم } ذكرنا معنى الطبع فيما تقدم. قال الحسن: هؤلاء قوم قد بلغوا الحد الذي من بلغه مات قلبه { فهم لا يفقهون } أوامر الله ونواهيه ولا يتدبرون الأدلة.
ثم مدح النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين فقال سبحانه: { لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم } ينفقونها في سبيل الله ومرضاته: { وأنفسهم } يقاتلون الكفار.
ثم أخبر سبحانه عما أعدَّ لهم من الجزاء على انقيادهم لله ورسوله فقال { وأولئك لهم الخيرات } من الجنة ونعيمها. وقيل: الخيرات المنافع والمدح والتعظيم في الدنيا والثواب والجنة في الآخرة { وأولئك هم المفلحون } أي الظافرون بالوصول إلى البغية: { أعدَّ الله لهم } أي هيأ وخلق لهم { جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها } مضى تفسيره في غير موضع { ذلك } إشارة إلى ما تقدَّم ذكره { الفوز العظيم } والفوز النجاة من الهلكة إلى حال النعمة وسميت المهلكة مفازة تفاؤلاً لها بالنجاة وإنما وصفه بالعظيم لأنه حاصل على وجه الدوام وبالإعزاز والإجلال والإكرام.