خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
٦
-البقرة

تفسير القرآن

قوله: { إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون } فإنه حدثني أبي عن بكر بن صالح عن أبي عمر الزبيدي (الزبيري ط) عن أبي عبد الله عليه السلام قال الكفر في كتاب الله على خمسة وجوه فمنه كفر بجحود وهو على وجهين جحود بعلم وجحود بغير علم فأما الذين جحدوا بغير علم فهم الذين حكاه الله عنهم في قوله { { وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون } [الجاثية: 24] وقوله { إن الذين كفروا سواء عليهم أانذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون } فهؤلآء كفروا وجحدوا بغير علم وأما الذين كفروا وجحدوا بعلم فهم الذين قال الله تبارك وتعالى { { وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاء‌هم ما عرفوا كفروا به } [البقرة: 89] فهؤلآء كفروا وجحدوا بعلم قال وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال هذه الآية نزلت في اليهود والنصارى بقول الله تبارك وتعالى { الذين آتيناهم الكتاب - يعني التوراة والإِنجيل - يعرفونه - يعني رسول الله صلى الله عليه وآله - كما يعرفون أبناء‌هم } لأن الله عز وجل قد أنزل عليهم في التوراة والزبور والإنجيل صفة محمد صلى الله عليه وآله وصفة أصحابه ومبعثه وهجرته وهو قوله { { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله رضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإِنجيل } [الفتح: 29] هذه صفة رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه في التوراة والإِنجيل فلما بعثه الله عرفه أهل الكتاب كما قال جل جلاله { { فلما جاء‌هم ما عرفوا كفروا به } [البقرة: 89] فكانت اليهود يقولون للعرب قبل مجيء النبي أيها العرب هذا أوان نبي يخرج بمكة ويكون هجرته بالمدينة وهو آخر الأنبياء وأفضلهم، في عينيه حمرة وبين كتفيه خاتم النبوة يلبس الشملة ويجتزي بالكسرة والتميرات ويركب الحمار عرية وهو الضحوك القتال يضع سيفه على عاتقه ولا يبالي بمن لاقى يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر وليقتلنكم الله به يا مشعر العرب قتل عاد، فلما بعث الله نبيه بهذه الصفة حسدوه وكفروا به كما قال الله { وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاء‌هم ما عرفوا كفروا به } [البقرة: 89] ومنه كفر البراء‌ة وهو قوله { { ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض } [العنكبوت: 25] أي يتبرأ بعضكم من بعض، ومنه كفر الشرك لما أمر الله وهو قوله { { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر } [آل عمران: 97] أي ترك الحج وهو مستطيع فقد كفر، ومنه كفر النعم وهو قوله { ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر } [النمل: 40] - أي ومن لم يشكر - نعمة الله فقد كفر فهذه وجوه الكفر في كتاب الله.