خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَٱحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
٤١
سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآءُوكَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ
٤٢
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ ٱلتَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ ٱللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ
٤٣
إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ بِمَا ٱسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ فَلاَ تَخْشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ
٤٤
-المائدة

تفسير القرآن

أما قوله: { يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم } [41] فإنه كان سبب نزولها إنه كان في المدينة بطنان من اليهود من بني هارون وهم النضير وقريضة وكانت قريضة سبع مائة والنضير ألفاً، وكانت النضير أكثر مالاً وأحسن حالاً من قريضة. وكانوا حلفاء لعبد الله بن أبي، فكان إذا وقع بين قريضة والنضير قتل وكان القاتل من بني النضير قالوا لبني قريضة لا نرضى أن يكون قتيل منا بقتيل منكم فجرى بينهم في ذلك مخاطبات كثيرة حتى كادوا أن يقتتلوا حتى رضيت قريضة وكتبوا بينهم كتاباً على أنه أي رجل من اليهود من النضير قتل رجلاً من بني قريضة أن يجنيه ويحمم، والتجنية أن يقعد على جمل ويولي وجهه إلى ذنب الجمل ويلطخ بالحماة ويدفع نصف الدية، وإيما رجل من بني قريضة قتل رجلاً من بني النضير أن يدفع إليه دية كاملة ويقتل به، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة ودخلت الأوس والخرج في الإسلام ضعف أمر اليهود فقتل رجل من بني قريضة رجلاً من بني النضير فبعثوا إليهم بنو النضير ابعثوا إلينا فدية؟ المقتول وبالقاتل حتى نقتله، فقالت قريضة ليس هذا حكم التوراة وإنما هو شيء غلبتمونا عليه فأما الدية وأما القتل وإلا فهذا محمد بيننا وبينكم فهلموا لنتحاكم إليه، فمشت بنو النضير إلى عبدالله بن أبي وقالوا سل محمداً أن لا ينقض شرطنا في هذا الحكم الذي بيننا وبين بني قريضة في القتل، فقال عبد الله بن أبي ابعثوا معي رجلاً يسمع كلامي وكلامه فإن حكم لكم بما تريدون وإلا فلا ترضوا به، فبعثوا معه رجلاً فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له يارسول الله إن هؤلاء القوم قريضة والنضير قد كتبوا بينهم كتاباً وعهداً وثيقاً تراضوا به والآن في قدومك يريدون نقضه وقد رضوا بحكمك فيهم فلا تنقض عليهم كتابهم وشرطهم، فإن بني النضير لهم القوة والسلاح والكراع، ونحن نخاف الغوائل والدوائر، فاغتم لذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يجبه بشيء، فنزل عليه جبرائيل بهذه الآيات { يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا } يعني اليهود { سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه } يعني عبدالله بن أبي وبني النضير { يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا } يعني عبد الله بن أبي حيث قال لبني النضير إن لم يحكم لكم بما تريدون فلا تقبلوا { ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاؤك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم، وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئاًَ وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين } - إلى قوله - { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } [41-44].