خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ
٣٣
وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ
٣٤
-الأنعام

تفسير القرآن

قوله: { قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون } [33] فإنها قرئت على أبي عبد الله عليه السلام فقال بلى والله لقد كذبوه أشد التكذيب وإنما نزل { لا يأتونك } أي: لا يأتون بحق يبطلون حقك، حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث (البختري ط) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام يا حفص إن من صبر صبر قليلاً وإن من جزع جزع قليلاً ثم قال عليك بالصبر في جميع أمورك فإن الله بعث محمداً وأمره بالصبر والرفق فقال: { { واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً } [المزمل:10] فقال: { { ادفع بالتي هي أحسن السيئة فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } [السجدة:34] فصبر رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قابلوه بالعظائم ورموه بها فضاق صدره، فأنزل الله { { ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون } [الحجر:97]
ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله تعالى { قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا } [33-34] فالزم نفسه الصبر صلى الله عليه وآله فقعدوا وذكروا الله تبارك وتعالى بالسوء وكذبوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
"قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكرهم إلهي" فأنزل الله:" { ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب فاصبر على ما يقولون } " [ق:38] فصبر رسول الله صلى الله عليه وآله في جميع أحواله، ثم بشر في الأئمة من عترته ووصفوا بالصبر { { وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون } [السجدة:24] فعند ذلك قال عليه السلام الصبر من الإِيمان كالرأس من البدن فشكر الله له ذلك فأنزل الله عليه: { { وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون } [الأعراف:137] فقال رسول الله صلى الله عليه وآله "آية بشرى وانتقام" ، فأباح الله قتل المشركين حيث وجدوا فقتلهم على يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وأحبائه وعجل الله له ثواب صبره مع ما ادخر له في الآخرة.