خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ كَذٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
٢٤
-يونس

التبيان الجامع لعلوم القرآن

المثل قول سائر يشبه به حال الثاني بالأول. وقيل { مثل الحياة الدنيا } صفة الحياة الدنيا. وقيل في المشبه والمشبه به في الآية ثلاثة اقوال:
احدها - قال الجبائي: إنه تعالى شبه الحياة الدنيا بالنبات على ما وصفه الله تعالى في الاغترار به والمصير إلى الزوال كالنبات الذي يصير إلى مثل ذلك.
الثاني - انه شبه الحياة الدنيا بالماء فيما يكون به من الانتفاع ثم الانقطاع.
الثالث - انه شبه الحياة الدنيا بحياة مقدرة على هذه الأوصاف، لما يقتضيه { وظن أهلها أنهم قادرون عليها } أي علموا الانتفاع بها.
وقوله { فاختلط به نبات الأرض } فالاختلاط تداخل الأشياء بعضها في بعض فربما كان على صفة مدح، وربما كان على صفة ذم. وقوله { حتى إذا أخذت الأرض زخرفها } فالزخرف حسن الألوان كالزهر الذي يروق البصر، ومنه قيل زخرفت الجنة لأهلها وقوله { وظن أهلها أنهم قادرون عليها } معناه ظنوا أنهم قادرون على استصحاب تلك الحال منها - جعلها على غير شيء منها، لأن القادر عليهم وعليها أهلكها. وقوله { وازينت } أصله تزينت فأدغمت التاء في الزاي واجلبت الهمزة لامكان النطق بها. وقرأ الأعرج وغيره { وازينت } على وزن (افعلت) والأول أجود لأن عليه القراء. وقوله { كأن لم تغن بالأمس } معناه كأن لم تقم على تلك الصفة فيما قبل، يقال: غني بالمكان إذا أقام به والمغاني المنازل، قال النابغة:

غنيت بذلك إذهم لك جيرة منها بعطف رسالة وتودد

وقوله { كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون } معناه مثل ذلك نميز الايات ونبينها لقوم يفكرون فيها ويعتبرون بها، لأن من لا يفكر فيها ولا يعتبر بها كأنها لم تفصل له، فلذك خصصهم بالذكر.