خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً وَٱلْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
٥
-يونس

التبيان الجامع لعلوم القرآن

روى ابن مجاهد عن قنبل. والمولى عن الربيبي (ضئاء) بهمزة بعد الضاد مكان الياء حيث وقع. الباقون بياء بعد الضاد ومدة بعدها. قال ابوعلي الفارسي: لا يخلو { ضياء } من أن يكون جمع ضوء كسوط وسياط، وحوض وحياض، او مصدر (ضاء) يضوء ضياء مثل عاذ يعوذ عياذاً أو قام يقوم قياماً، وعلى أي الوجهين حملته فالمضاف محذوف، والمعنى جعل الشمس ذات ضياء، والقمر ذا نور. أو يكون جعل النور والضياء لكثرة ذلك فيهما، فأما الهمزة في موضع العين من { ضياء } فيكون على القلب كأنه قدم اللام التي هي همزة إلى موضع العين وأخر العين التي هي واو إلى موضع اللام، فلما وقعت طرفاً بعد الف زائدة قلبت همزة. كما فعلوا ذلك في (سقاء وعلاء) وهذا اذا قدّر جمعاً كان أسوغ. كما قالوا قوس وقسي. فصححوا الواحد وقلبوا في الجمع، واذا قدّرته مصداً كان أبعد، لأن المصدر يجري على فعله في الصحة والاعتلال، والقلب ضرب من الاعتلال فاذا لم يكن في الفعل يمتنع أن يكون أيضاً في المصدر ألا ترى انهم قالوا: لاذ لواذاً وباع بياعاً، فصححوها في المصدر كصحتها في الفعل، وقالوا: قام قياماً فأعلوه ونحوه، لاعتلاله في الفعل. وقرأ ابن كثير واهل البصرة وحفص (يفصل) بالياء. الباقون بالنون. من قرأ بالياء فلأنه قد تقدم ذكر الله تعالى فأضمر الاسم في الفعل. ومن قرأ بالنون فهذا المعنى يريد. ويقويه بقوله { تلك آيات الله نتلوها } وقد تقدم { أوحينا } فيكون نفصل محمولا على { أوحينا } والياء أقوى، لأن الاسم الذي يعود اليه أقرب اليه من { أوحينا }.
اخبر الله تعالى ان الذي يرجع اليه الخلق هو الله { الذي جعل الشمس ضياء } والجعل وجود ما به يكون الشيء على صفة لم يكن عليها، فتارة يكون باحداثه وأخرى باحداث غيره. والشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لما فيهما من عظم النور، ومسيرهما بغير علاقة ولا دعامة، وفيهما أعظم الدلالة على وحدانية الله تعالى. والنور شعاع فيه ما ينافي الظلام. ونور الشمس لما كان أعظم الأنوار سماه الله ضياء، كما قيل للنار ناراً؛ لما فيها من الضياء، ولما كان نور القمر دون ذلك سماه نوراً، لأن نور الشمس وضياءها يغلب عليه، ولذلك يقال أضاء النهار، ولا يقال اضاء الليل بل يقال انار الليل، وليلة منيرة. ويقولون: في قلبه نور، ولا يقال فيه ضياء، لأن الضوء يقال لما يحس بكثرته. وقوله { وقدره منازل } انما وحد في قوله { وقدره } ولم يقل وقدرهما، لأحد أمرين: احدهما - أنه أراد به القمر، لأن بالقمر تحصى شهور الأهلة التي يعمل الناس عليها في معاملتهم. والاخر - ان معناه التثنية غير أنه وحده للايجاز اكتفاء بالمعلوم، كقوله
{ { والله ورسوله أحق أن يرضوه } وقال الشاعر:

رماني بأمر كنت منه ووالدي بريئاً ومن جول الطوي رماني

وقوله { ما خلق الله ذلك إلا بالحق } معناه لم يخلق ما ذكره من السموات والارض والشمس والقمر وقدرهما منازل إلا حقاً. وقوله { يفصل الآيات } اي يميز بعضها من بعض { لقوم يعلمون } ذلك ويتبينونه. وقال قوم: معناه لقوم لهم عقول يتناولهم التكليف ويصح منهم الاستدلال دون البهائم ومن لا عقل له.