خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ
١٥
-هود

التبيان الجامع لعلوم القرآن

شرط الله تعالى بهذه الآية أن { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها } وحسن بهجتها، ولا يريد الآخرة، فان الله تعالى يوفيه جزاء عمله فيها يعني في الدنيا، ولا يبخسه شيئاً منه. والزينة تحسين الشيء بغيره من لبسة أو حلية أو هيئة، يقال: زانه يزينه وزّينه تزييناً. والتوفية تأديه الحق على تمام. والبخس نقصان الحق، يقال: بخسه بخساً إذا ظلمه بنقصان الحق. وفي المثل (يبخسها حمقاء) وهي باخس. وقيل في العمل الذي يوفون حقهم من غير بخس قولان: أحدهما - قال الضحاك ومجاهد: هو أن يصل الكافر رحمه أو يعطي سائلا سأله أو يرحم مضطراً أو غير ذلك من أفعال الخير، فان الله تعالى يعجل له جزاء عمله في الدنيا بتوسيع الرزق، وإقرار العين فيما خوِّل، ودفع مكاره الدنيا. الثاني - الغزو مع النبي صلى الله عليه وآله للغنيمة دون ثواب الاخرة، أمر الله نبيه أن يوفيهم قسمهم وهذا من صفة المنافقين، ذكره الجبائي. وانما جاز أن يقول { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم } ولم يجز أن تقول: من جاءني اكرمه، لأن الاجود في الشرط والجزاء أن يكونا مستقبلين أو يكونا ماضيين بنية الاستقبال، فان كان أحدهما ماضياً، والآخر مستقبلا كان جائزاً على ضعف كما قال زهير:

ومن هاب أسباب المنايا تنلنه ولو رام أسباب السماء بسلم

قلنا عنه جوابان: أحدهما - قال الفراء: إن المعنى من يرد الحياة الدنيا و { كان } زائدة. والثاني إن المعنى أن يصح أنه كان، كقوله { { إن كان قميصه قد من دبر فكذبت } ولا يجوز مثل هذا في غير { كان } لأنها أم الأفعال.