خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ
٧٠
-هود

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قيل في وجه اتيان الملائكة ابراهيم صلى الله عليه وسلم في صورة الاضياف قولان:
احدهما - قال الحسن أنهم اتوه على الصفة التي كان يحبها، لانه كان يقري الضيف.
والآخر - انهم أروه معجزاً من مقدور الله في صورتهم مع البشارة له بالولد على الكبر، فاخبر الله تعالى ان ابراهيم لما رآهم ممتنعين من تناول الطعام وان ايديهم لا تصل اليه، والعقل لم يكن مانعاً من أكل الملائكة الطعام وإنما علم ذلك بالاجماع وبهذه الآية، والا ما كان يجوز أن يقدم ابراهيم الطعام مع علمه بانهم ملائكة. ويجوز بأن يأكلوه وانما جاز ان يتصور الملائكة في صورة البشر مع ما فيه من الايهام لأنهم أتوه به دلالة، وكان فيه مصلحة فجرى مجرى السراب الذي يتخيل انه ماء من غير علم انه ماء.
وقوله { نكرهم } يقال نكرته وانكرته بمعنى. وقيل نكرته اشد مبالغة وهي لغة هذيل واهل الحجاز، وانكرته لغة تميم قال الاعشى في الجمع بين اللغتين:

وانكرتني وما كان الذي نكرت من الحوادث الا الشيب والصلعا

وقال ابو ذؤيب:

فنكرنه فنفرن وافترست به هوجاء هاربة وهاد خرسع

وقوله { أوجس منهم خيفة } اي اضمر الخوف منهم، والايجاس الاحساس قال ذو الرمة:

وقد توجس ركزاً مغفراً ندساً بنبأة الصوت ما في سمعه كذب

اي تجسيس. وقيل أوجس أضمر، وانما خافهم حين لم ينالوا من طعامه لانه رآهم شباباً اقوياء وكان ينزل طرفاً من البلد لم يأمن - من حيث لم يتحرموا بطعامه ان يكون ذلك البلاء حتى قالوا له لا تخف يا ابراهيم { إنا أرسلنا إلى قوم لوط } بالعذاب والاهلاك وقيل انهم دعوا الله فاحيا العجل الذي كان ذبحه ابراهيم وشواه فظهر ورعى، فعلم حينئذ انهم رسل الله.