خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ يٰشُعَيْبُ أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيۤ أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ
٨٧
-هود

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأَ اهل الكوفة إِلا أَبا بكر { أَصلاتك } على التوحيد. الباقون على الجمع.
هذا حكاية ما قال قوم شعيب له (ع) حين نهاهم عن بخس المكيال والميزان وأمرهم بايفاء الحقوق { يا شعيب أَصلاتك تأمرك } بهذا، قال الحسن وأَرادوا بالصلاة الدين أَي ادينك. وقال الجبائي يريدون ما كانوا يرونه من صلاته لله وعبادته إِياه، وانما اضاف ذلك الى الصلاة، لانها بمنزلة الامر بالخير، والتناهي عن المنكر، وقيل أَدينك، على ما حكيناه عن الحسن.
وقوله { إن نترك ما يعبد آباؤنا } كرهوا الانتقال عن دين آبائهم ودخلت عليهم شبهة بذلك، لأنهم كانوا يعظمون آباءهم وينزهونهم عن الغلط في الأمر، فقالوا لو لم يكن صواباً ما فعلوه، وان خفي عنا وجهه. وقوله { إنك لأنت الحليم الرشيد } قيل في معناه قولان:
احدهما - أنهم قالوا ذلك على وجه الاستهزاء - في قول الحسن وابن جريج وابن زيد. والآخر - أنهم ارادوا { أنت الحليم الرشيد } عند قومك، فلا يليق هذا الأمر بك، وقال المؤرج { الحليم الرشيد } معناه الاحمق السفيه، بلغة هذيل، والحليم الذي لا يعاجل مستحق العقوبة بها، والرشيد المرشد.
قال الزجاج { أو أن نفعل } موضع (أن) نصب والمعنى او تأمرك ان نترك او ان نفعل في اموالنا ما نشاء، والمعنى إنا قد تراضينا بالبخس فيما بيننا. وقال الفراء: معناه اتامرك ان نترك ان نفعل في اموالنا ما نشاء، فـ (ان) مردودة على نترك. ووجه آخر، وهو ان يجعل الأمر كالنهي، كأنه قال أصلاتك تأمرك بذا أو تنهانا عن ذا، فهي حينئذ مردودة على (ان) الاولى ولا اضمار فيه، كانك قلت تنهانا ان نفعل في اموالنا ما نشاء، كما تقول اضربك ان تسيء، كأنه قال انهاك بالضرب عن الاساءة. ويقرأ { أن نفعل في أموالنا ما نشاء }. والذي نقوله ان قوله { أن نفعل } ليس بمعطوف على (ان) الاولى، وانما هو معطوف على (ما) وتقديره فعل مانشاء في اموالنا، وليس المعنى اصلاتك تأمرك ان نفعل في اموالنا ما نشاء، لأنه ليس بذلك امرهم.
و { الرشيد } معناه رشيد الأمر، في امره إياهم ان يتركوا عبادة الاوثان. وقيل ان قوم شعيب عذبوا في قطع الدراهم وكسرها وحذفها.