خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
١٠٩
-يوسف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ابو بكر { يوحى } بالياء وفتح الحاء. وقرأ حفص بالنون وكسر الحاء.
قال ابو علي الفارسي: وجه القراءة بالنون قوله
{ إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح } ومن قرأ بالياء، فلقوله { وأوحي إلى نوح } وقوله { قل أوحي إلي } } فأما في { حم عسق كذلك يوحي إليك } ، فلان الفعل مسند الى اسم الله تعالى، فارتفع الاسم بأنه فاعل يوحي، ولو قرىء يوحى اليك، والى الذين واسند الفعل الى الجار والمجرور، لكان جائزاً، وكان يكون قوله { الله العزيز الحكيم } مبتدءاً وخبراً، والاول احسن، لان قوله { العزيز الحكيم } ان يكون صفة احسن من ان يكون خبر المبتدأ.
معنى الآية الاخبار من الله أني ما أرسلت قبلك من الانبياء والمرسلين الى عبادي إلا رجالاً يوحى اليهم بكتبي واحكامي، { من أهل القرى } أي لم أرسل عليهم ملكاً ولا جنيّاً، بل رجالاً أمثالك، لقول جهال قريش ان الله لو شاء ان يرسل الينا أحداً، لأرسل إلينا ملكاً، فبين ها هنا انه لم يرسل فيما مضى الا رجالاً، مثل محمد، من البشر، { أفلم يسيروا في الأرض } معناه أفليس قد ساروا في الارض وسمعوا اخبار من ارسله الله من الانبياء المبعوثين الى خلقه مثل ابراهيم وموسى وعيسى، فيعرفوا بذلك كيف كان عاقبة من كذب هؤلاء الرسل من قبلهم، وما نزل بهم من العذاب لكفرهم ثم أخبر ان دار الاخرة خير للذين اتقوا واجتنوا معاصيه خير لهم من الدنيا، أفلا يعقلون ان الامر على ما أخبرنا به، وان ذلك خير من دار الدنيا التي فيها تنغيص وتكدير، وفنون الآلام.
وقال قتادة معنى { من أهل القرى } يريد به الامصار دون البوادي، لانهم اعلم وأحكم. وقال الحسن ما بعث الله نبياً من اهل البادية قط، ولا من الجن ولا من النساء.
وقوله { ولدار الآخرة } على الاضافة وفي موضع آخر وللدار الآخرة على الصفة. فمن اضافه قال تقديره ولدار الحال الآخرة، لان للناس حالين حال لدنيا وحال الآخرة. ومثله صلاة الاولى والصلاة الاولى، فمن اضافه قدر صلاة الفريضة الاولى، ومن لم يضف جعله صفة، ومثله ساعة الاولى، والساعة لاولى، ذكره الزجاج. وقال الفراء قد يضاف الشيء الى نفسه إذا اختلف لفظهما مثل { حق اليقين }. ومثل بارحة الاولى والبارحة الاولى ومسجد الجامع، والمسجد الجامع.