خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ ٱلْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ ٱلْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى ٱلدَّارِ
٤٢
-الرعد

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ كثير وابو عمرو ونافع "الكافر" على لفظ الواحد. الباقون { الكفار } على لفظ الجمع. قال ابو علي الفارسي في قوله { وسيعلم الكفار } هو المتعدّي الى مفعولين؛ بدلالة تعليق وقوع الاستفهام بعده، تقول: علمت لمن الغلام، فتعلقه مع الجار كما تعلقه مع غير الجار في قوله { فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار } } وموضع الجار مع المجرور نصب من حيث سد الكلام - الذي هو الاستفهام - مسدّ المفعولين، لان من حيث حكمت في نحو مررت بزيد، فان موضعه نصب، ولكن الباء الجارّة كانت متعلقة في الاصل بفعل فصار مثل علمت بمن تمر في أن الجارة تتعلق بالمرور، والجملة التي هي منها في موضع نصب، وقد علّق الفعل عنها.
ومن قرأ على لفظ الفاعل، وأنه جعل الكافر اسماً شائعاً كإِنسان في قوله
{ إن الإنسان لفي خسر } وزعموا أنه لا أالف فيه وهذا الحذف إِنما يقع في (فاعل) نحو خالد، وصالح ولا يكاد يحذف في (فعال) فهذا حجتهم. وزعموا أن في بعض الحروف { وسيعلم الذين كفروا }، وقرأ ابن مسعود { وسيعلم الكافرون } فهذا يقوي الجمع.
ومن قرأ على لفظ الجمع، فلأن التهديد متوجّه الى جميع الكفار، ولا إِشكال فيه.
اخبر الله تعالى أن الكفار الذين كانوا قبل هؤلاء الكفار، مكروا بالمؤمنين واحتالوا في كفرهم. والمكر هو الفتل عن البغية بطريق الحيلة، تقول مكر يمكر فهو ماكر مكراً، وقال أبو علي: المكر ضرر ينزل بصاحبه من حيث لا يشعر به.
ثم اخبر تعالى ان له المكر جميعاً، ومعناه لله جزاء مكرهم، لانهم لما مكروا بالمؤمنين بين الله أن وبال مكرهم عليهم بمجازاة الله لهم.
وقوله تعالى: { يعلم ما تكسب كل نفس } معناه أنه لا يخفى عليه ما يكسبه الانسان من خير وشر وغير ذلك؛ لأنه عالم بجميع المعلومات { وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار } تهديد للكفار بأنهم سوف يعلمون لمن تكون عاقبة الجنة للمطيعين أو العاصين، فإِن الله تعالى وعد بذلك المؤمنين دون الكفار والظالمين.