التبيان الجامع لعلوم القرآن
قرأ يعقوب { صراط عليٌّ } بتنوين علي، ورفعه على أنه صفة لـ { صراط } بمعنى رفيع، وبه قرأ ابن سيرين وقتادة. الباقون بفتح الياء على الاضافة الى الياء. وقيل في معناه قولان.
احدهما - إِن ذلك على وجه التهديد، كقولك لمن تتهدده وتتوعده: على طريقك، والى مصيرك، كما قال { إِن ربك لبالمرصاد } وهوقول مجاهد وقتادة.
الثاني - إِنه يراد به الدين المستقيم، وأن الله يبينه وينفي الشبهة عنه بهداية المستدل على طريق الدليل.
وقوله { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان } اخبار منه تعالى ان عباده الذين يطيعونه وينتهون الى أمره ويجتنبون معاصيه ليس للشيطان عليهم سلطان ولا قدرة اكثر من ان يغويهم، فإِذا لم يقبلوا منه ولا يتبعونه، فلا يقدر لهم على ضر ولا نفع. وقال الجبائي: ذلك يدل على ان الجن لا يقدرون على الاضرار ببني آدم، لانه على عمومه. وقال غيره: الآية تدل على نفي السلطان بالاغواء، لانهم اذا لم يقبلوا منه ولا يتبعونه، فكأنه لا سلطان له عليهم، ولا يمتنع ان يقدروا على غير ذلك من الاضرار.
ثم استثنى تعالى من جملة العباد من يتبع ابليس على إِغوائه وينقاد له ويقبل منه، لانه اذا قبل منه، صار له عليه سلطان، بعدوله عن الهدى الى ما يدعوه اليه من اتباع الهوى، فيظفر به إِبليس.
ثم اخبر تعالى ان جهنم موعد جميع العصاة والخارجين عن طاعته، ومن يتبع ابليس على إِغوائه. و { جهنم } لا تنصرف لانها معرفة مؤنثة، وقد يقال للنار اذا عظمت واشتدت: هذه جهنم، تشبيهاً بجهنم المعروفة، وهذا لم ينكر، ثم اخبر عن صفة جهنم بأن { لها سبعة أبواب } وقال علي (ع) والحسن وقتادة وابن جريج: ابوابها أطباق بعضها فوق بعض { لكل باب جزء } من المستحقين للعقوبة على قدر استحقاقهم من العقاب، في القلة والكثرة بحسب كثرة معاصيهم وقلتها.