خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يُنَزِّلُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوۤاْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱتَّقُونِ
٢
-النحل

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ روح والكسائي عن ابي بكر { تنزل الملائكة } بالتاء وفتحها، وفتح النون والزاي ورفع الملائكة. الباقون بالياء وضمها وفتح النون وتشديد الزاي وكسرها، ونصب الملائكة، إِلا أن ابن كثير وابا عمرو، وورشاً يسكنون النون ويخففون الزاي.
من قرأ بالياء ففاعل { ينزّل } هو الضمير العائد الى اسم الله في قوله { أتى أمر الله } وإِسكان النون وتخفيف الزاي وتشديدها، فكلاهما جائز، قال تعالى:
{ إِنا نحن نزلنا الذكر } وقال { { وأنزلنا إليك الذكر } فأما ما روي عن عاصم من القراءة بالتاء، فلأنه انث الفعل باسناده الى الملائكة كقوله { إِذ قالت الملائكة } وبنى الفعل للمفعول به واسنده اليهم والأول ابين.
اخبر الله تعالى أنه ينزل الملائكة بالروح من امره، واختلفوا في معنى الروح - ها هنا - فقال ابن عباس: اراد به الوحي، وقال الربيع بن انس: اراد به كلام الله، وقال قوم: أراد حياة النفوس، والارشاد لهم الى الدين، وقد فسر ذلك بقوله { أن أنذروا } وهو بدل من الروح، وموضعه الجر وتقديره بـ { أن أنذروا } لأن الموعظة والانذار للكافر حياة، لانه تعالى شبه الكافر بالميت، فقال
{ { أو من كان ميتاً فأحييناه } بالاسلام. والروح تنقسم عشرة اقسام: فالروح الارشاد والحياة، والروح الرحمة قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم "فروح وريحان" والروح النبوة لقوله { يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده } والروح عيسى روح الله أي خلق من غير بشر، وقال آخرون: من غير فحل. وقيل انه سمي بذلك لكونه رحمة على عباد الله بما يدعوهم الى الله، والروح جبرائيل. والروح النفخ، يقال: أحييت النار بروحي أي بنفخي، قال ذو الرمة يصف الموقد والزندة:

فلما بدت كفنتها وهي طفلة بطلساء لم تكمل ذراعاً ولا شبرا
فقلت له ارفعها اليك وأحيها بروحك واقتته لها قيتة قدرا

والروح الوحي قال الله تعالى { وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا } } قيل انه جبرائيل، وقيل الوحي. والروح ملك في السماء من أعظم خلقه، فاذا كان يوم القيامة وقف صفاً، والملك كلهم صفاً، والروح روح الانسان. وقال ابن عباس في الانسان روح ونفس، فالنفس هي التي تكون فيها التمييز والكلام، والروح هو الذي يكون به الغطيط والنفس، فاذا نام العبد خرجت نفسه وبقيت روحه، واذا مات خرجت نفسه وروحه معاً. وقوله { على من يشاء من عباده } يعني الانبياء يأمرهم أن يخبروا عباده أنه لا إِله يستحق العبادة غير الله تعالى، ويأمرهم بأن يتقوا معاصيه ويفعلوا طاعاته.