خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً
١٠٥
وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً
١٠٦
-الإسراء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قوله { وبالحق أنزلناه } يعني القرآن أنزله الله يأمر فيه بالعدل وبالانصاف، والأخلاق الجميلة والأمور الحسنة الحميدة، وينهي فيه عن الظلم وأنواع القبائح والأخلاق الذميمة. { وبالحق نزل } معناه بما ذكرناه من فنون الحق نزل القرآن من عند الله على نبيه صلى الله عليه وسلم. قال البلخي: يجوز أن يكون أراد موسى، ويكون ذلك كقوله { وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد } ويجوز أن يكون أراد الآيات فكنى عنها بالهاء وحدها، دون الهاء والألف؛ ويريد أنزلنا ذلك، كما قال أبو عبيدة قال أنشدني رؤبة:

فيه خطوط من سواد وبلق كأنه في العين توليع البهق

فقلت له: إِن أردت الخطوط فقل كأنها، وإِن أردت السواد والبياض فقل كأنهما، قال: فقال لي: كأن ذلك وتلك.
ثم قال { وما أرسلناك } يا محمد { إِلا مبشراً } للمطيعين بالجنة { ونذيراً } أَي مخوفاً للعصاة من النار.
وقوله { وقرآناً فرقنا } قرأه أهل الأمصار بالتخفيف. وحكي عن ابن عباس بتشديد الراء، بمعنى نزلناه شيئاً بعد شيء، آية بعد آية، وقصة بعد قصة. ومعنى { فرقناه } فصلنا فيه الحلال والحرام، وميزنا بينهما، وهو قول ابن عباس. وقال أُبي بن كعب معناه بيناه. وقال الحسن وقتادة: فرق الله فيه بين الحق والباطل. ومن قرأ بالتشديد، قال ابن عباس وقتادة وابن زيد: إِن معناه أنزل متفرقاً لم ينزل جميعاً، وكان بين أوله وآخره نحو من عشرين سنة. ونصب { قرآناً } على معنى وأحكمنا قرآناً { فرقناه } أو آتيناك قرآناً. وقال بعضهم: نصب بمعنى ورحمة كأنه قال { وما أرسلناك إِلا مبشراً ونذيراً } ورحمة، قال لأن القرآن رحمة.
وقوله { لتقرأه على الناس على مكث } معناه على توئدة، فترتله وتبينه ولا تعجل في تلاوته، فلا يفهم عنك، وهو قول ابن عباس ومجاهد وابن زيد، ويقال في المكث لغات: مكث بضم الميم وعليه القراء، وبفتح الميم وسكون الكاف، وبفتح الميم وكسر الكاف، وحكي مكثِى مقصور ومكاثاء ممدود.
وقوله { ونزلناه تنزيلاً } أي أنزلناه شيئاً بعد شيء، وهو قول الحسن وقتادة
وقوله { ونزلناه تنزيلاً } يدل على أن القرآن محدث، لأن القديم لا يجوز وصفه بالمنزل والتنزيل، لأن ذلك من صفات المحدثين.
وقيل في معنى { على مكث } أنه كان ينزل منه شيء ثم يمكثون ما شاء الله وينزل شيء آخر.