خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

كۤهيعۤصۤ
١
ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ
٢
إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً
٣
-مريم

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ابو عمرو "كهيعص" بامالة الهاء وفتح الياء، وقرأ ابن عامر إلا الداجوني عن هشام وحمزة إلا العبسي وخلف في اختياره بفتح الهاء، وامالة الياء. وقرأ الكسائي ويحيى والعليمي والعبسي بامالة الهاء والياء. الباقون بفتحهما، وهم أهل الحجاز والداجوني عن هشام وعاصم إلا يحيى والعليمي ويعقوب وابو جعفر بقطع الحروف على أصله ويظهر الدال من هجاء (صاد) عند ذلك. وكذلك أهل الحجاز وعاصم ويعقوب. قال أبو علي امالة هذه الحروف سائغه، لانها ليست بحروف معنى وانما هي اسماء لهذه الاصوات. وقال سيبوبه: قالوا (با، يا) لأنها اسماء ما يتهجأ به. فلما كانت اسماء غير حروف جازت فيها الامالة كما جازت في الاسماء، ويدلك على انها اسماء انك إذا اخبرت عنها أعربتها [وإن كنت لا تعربها اسماء قبل ذلك] فكما أن اسماء العدد قبل أن تعربها اسماء كذلك هذه الحروف. وإذا كانت اسماء ساغت فيها الامالة. فاما من لم يمل فعلى مذهب أهل الحجاز، وكلهم أخفى (نون، عين) إلا حفصاً عن عاصم فانه بينها. وقال ابو عثمان بيان النون مع حروف الفم لحن إلا أن هذه الحروف تجري على الوقف عليها، والقطع لها مما بعدها، فحكمها البيان، وإن لا تخفى، فقول عاصم هو القياس فيها، وكذلك اسماء العدد حكمها على الوقف، وعلى انها منفصلة عما بعدها. وقال ابو الحسن تبيين النون أجود فى العربية، لأن حروف العدد والهجاء منفصل بعضها عن بعض. وروي عن أبي عمرو واليزيدي - في رواية أبي عمرو - عنه كسر الهاء والياء. وقال قلت له لم كسرت الهاء؟ قال: لئلا تلتبس بهاء التنبيه، فقلت لم كسرت اليا؟. قال: لئلا تلتبس بـ (يا) التي للنداء إذا قلت: ها زيد ويا رجل. ومن أدغم الدال فى الذال، فلقرب مخرجهما، ومن اظهر، فلأنهما ليسا من جنس واحد. وليسا اختين.
وقرأ الحسن بضم الهاء، حكى سيبويه أن في العرب من يقول فى الصلاة بما ينحو نحو الصلوة الضم، وحكى (ها يا) باشمام الضم. قال الزجاج من حكى ضم الياء، فهو شاذ لانه اجتمعت الرواة على ان الحسن ضم الهاء لا غير وقد بينا فى أول سورة البقرة اخلاف العلماء في أوائل امثال هذه السور وشرحنا أقوالهم، وبينا أن أقوى ما قيل فيه انها اسماء السور، وهو قول الحسن وجماعة، وقيل ان كل حرف منها حرف من اسم من اسماء الله تعالى، فالكاف من كبير، والهاء من هاد، والعين من عالم، والصاد من صادق، والياء من حكيم. وروى ذلك عن علي (ع) وابن عباس وغيرهما. وروي عن علي (ع) انه دعا فقال اللهم سألتك يا كهيعص.
وقوله { ذكر رحمة ربك عبده زكريا } رفع { ذكر } على أنه خبر للابتداء وتقديره هذا او فيما يتلى عليكم { ذكر رحمة } أي نعمة ربك { عبده } منصوب بـ { رحمة }. وقال الفراء الذكر مرفوع بـ { كهيعص } والمعنى ذكر ربك عبده برحمته، فهو تقديم وتأخير، ونصب "زكريا" لانه بدل من { عبده }.
{ إذ نادى ربه نداء خفياً } أي حين دعا ربه دعاء خفياً أي سراً غير جهر، لا يريد به رياء، ذكره ابن جريج. واصل النداء مقصور من ندى الصوت بندى الحلق