خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ
٣٦
فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ
٣٧
أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَـٰكِنِ ٱلظَّالِمُونَ ٱلْيَوْمَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٣٨
وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ ٱلأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
٣٩
إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ ٱلأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ
٤٠
-مريم

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ابن كثير وابو عمرو ونافع ويعقوب إلا روحاً { وأن الله } بفتح الهمزة الباقون بكسرها. من نصب الهمزة احتمل أربعة أوجه:
احدها - إن المعنى وقضى الله { أن الله ربي وربكم } فى قول ابى عمرو بن العلا
والثاني - أنه معطوف على كلام عيسى، أى واوصانى { أن الله ربي وربكم }
والثالث - قال الفراء: إنه معطوف على { ذلك عيسى ابن مريم } وذلك { أن الله }. ويكون موضعه الرفع بأنه خبر المبتدأ.
الرابع - ولان الله ربى وربكم فاعبدوه. والعامل فيه { فاعبدوه }.
ومن كسر (إن) استأنف الكلام. ويقوي الكسر انه روي ان أبياً قرأ { أن الله } بلا واو ويجوز ان يكون عطفاً على قوله { قال إني عبد الله } وقوله { هذا صراط مستقيم } معناه عبادتكم لله وحده لا شريك له هو الصراط المستقيم الذى لا اعوجاج فيه.
وقوله { فاختلف الأحزاب من بينهم } فالاختلاف فى المذهب هو ان يعتقد كل قوم خلاف ما يعتقده الآخرون. والاحزاب جمع حزب. والحزب جمع المنقطع فى رأيه عن غيره، يقال تحزب القوم إذا صاروا أحزاباً. وحزب عليهم الأحزاب أى جمع. والمعنى فى الآية اختلف الأحزاب من أهل الكتاب فى عيسى (ع)، فقال قتادة ومجاهد قال قوم: هو الله وهم اليعقوبية. وقال آخرون: هو ابن الله وهم النسطورية. وقال قوم: هو ثالث ثلاثة وهم الاسرائيلية. وقال قوم: هو عبد الله وهم المسلمون.
ثم قال تعالى { فويل للذين كفروا } بآيات الله، وجحدوا وحدانيته من حضور يوم عظيم يعني يوم القيامة.
وقوله { أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا } معناه ما أسمعهم وابصرهم على وجه التعجب، والمعنى انهم حلوا في ذلك محل من يتعجب منه، وفيه تهدد ووعيد أن سيسمعون ما يصدع قلوبهم ويردون ما يهيلهم. وقال الحسن وقتادة: المعنى لأن كانوا فى الدنيا صماً عمياً عن الحق، فما اسمعهم به، وما أبصرهم به يوم القيامة { يوم يأتوننا } أي يوم يأتون المقام الذي لا يملك أحد فيه الامر والنهي غير الله.
ثم قال تعالى { لكن الظالمون } انفسهم بارتكاب معاصيه وجحد آياته والكفر بأنبيائه { اليوم } يعني في دار الدنيا { في ضلال } عن الحق وعدول عنه { بعيد } من الصواب. ثم قال لنبيه (صلى الله عليه وسلم) { وأنذرهم } يا محمد أى خوفهم هول { يوم الحسرة } اى اليوم الذى يتحسر فيه الناس على ما فرطوا فيه من طاعة الله، وعلى ما ارتكبوا من معاصيه فى الوقت الذى { قضي الأمر } وحكم بين الخلائق بالعدل { وهم في غفلة } اليوم عما يفعل بهم من العقاب على معاصيهم، وهم لا يصدقون بما يقال لهم ويخبرون به. ثم اخبر تعالى عن نفسه، فقال { إنا نحن نرث الأرض ومن عليها } اى يعود إلينا التصرف فى الارض وفيمن عليها من العقلاء، وغيرهم، لا يبقى لاحد ملك { وإلينا يرجعون } أى يردون يوم القيامة الى الموضع الذى لا يملك الامر والنهي غيرنا.