خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ
١٧٠
-البقرة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

ألفينا، وصادفنا، ووجدنا بمعنى واحد، والأب، والوالد واحد.
الاعراب:
وقوله تعالى: { أولو كان } هي واو العطف، دخلت عليها حرف الاستفهام، والمراد بها التوبيخ والتقريع، فهي ألف التوبيخ. ومثل هذه الألف
{ أثم اذا ما وقع } و { أفلم يسيروا في الأرض } }. وانما جعلت ألف الاستفهام للتوبيخ، لأنه يقتضي ما الاقرار به فضيحة عليه، كما يقتضي الاستفهام الاخبار، مما يحتاج اليه.
المعنى:
والمعنى: إنهم يقولون، هذا القول { وإن كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون }. والفرق بين دخول الواو، وسقوطها في مثل هذا الكلام، أنك اذا قلت: اتبعه ولو ضرك، فمعناه اتبعه على كل حال ولو ضرك، وليس كذلك اذا قال: اتبعه لو ضرك، لأن هذا خاص، والأول عام، فانما دخلت الواو لهذا المعنى. ومعنى قوله: { لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون } يحتمل شيئين:
أحدهما - لا يعقلون شيئاً من الدين ولا يهتدون إليه.
والثاني - على الشتم والذم، كما يقال: هو أعمى اذا كان لا يبصر طريق الحق - على الذم - هذا قول البلخي. والأول قول الجبائي.
وفي الآية دلالة على بطلان قول أصحاب المعارف، لأنها دلت على أنهم كانوا على ضلال في الاعتقاد.
والضمير في قوله: { هم } قيل فيه ثلاثة أقوال:
أحدها - انه يعود على (من) في قوله: { ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً }.
والثاني - انه يعود على (الناس) من { يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً } فعدل عن المخاطبة إلى الغيبة، كما قال تعالى:
{ { حتى اذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة } }. الثالث - انه يعود على الكفار، إذ جرى ذكرهم، ويصلح أن يعود اليهم وإن لم يجر ذكرهم، لأن الضمير يعود على المعلوم، كما يعود على المذكور وقال ابن عباس: إن النبي (صلى الله عليه وسلم) دعا اليهود من أهل الكتاب الى الاسلام، فقالوا: بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا، فهم كانوا أعلم وخيراً منا، فأنزل الله عز وجل { واذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله } الآية.
و "وألفينا" في الآية معناه وجدنا - في قول قتادة - قال الشاعر:

فألفيته غير مستعتب ولا ذاكر الله إلا قليلا

والاتباع: طلب الاتفاق في المقال أو الفعال. أما في المقال، فاذا دعا الى شيء استجيب له. وأما في الفعال، فاذا فعل شيئاً، فعلت مثله.
والعقل مجموعة علوم بها يتمكن من الاستدلال بالشاهد على الغائب. وقال قوم: هو قوة في النفس يمكن بها ذلك. والاهتداء الاصابة لطريق الحق بالعلم.
وفي الآية حجة عليهم من حيث أنهم اذا جاز لهم أن يتبعوا آباءهم فيما لا يدرون أحق هو أم باطل، فلم لا يجوز اتباعهم مع العلم بأنهم مبطلون. وهذا في غاية البطلان.
وفيها دلالة على فساد التقليد، لأن الله تعالى ذمهم على تقليد آبائهم، ووبخهم على ذلك. ولو جاز التقليد لم يتوجه إليهم توبيخ، ولا لوم، والأمر بخلافه.