خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وِمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ
٢٠١
-البقرة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

الاعراب:
{ رّبنا } منصوب، لأنه منادى وتقديره: يا رَّبنا. وإنما حذف حرف النداء، لما كان أصله تنبيه المنادى، ليقبل عليك، وكان الله عزّ وجل لا يغيب عنه شيء - تعالى عن ذلك -، سقط حرف النداء للاستغناء عنه. فأما يا الله اغفر لي، فيجوز أن يخرج مخرج التنبيه للتأكيد: أن يقبل عليك برحمته، ولأنك تسأله سؤال المحتاج أن ينبه على حالة، لأن ذلك أبلغ في الدعاء، وأحسن في المعنى.
اللغة:
والفرق بين القول والكلام: أن القول يدلّ على الحكاية، وليس كذلك الكلام، نحو قال: الحمد لله، فاذا أخبرت عنه بالكلام قلت تكلم بالحق، والحكاية تكون على ثلاثة أوجه: حكاية على اللفظ والمعنى، وحكاية على اللفظ فقط، وحكاية على المعنى فقط، فالأول نحو
{ أتوني أفرغ عليه قطراً } إذا حكاه من يعرف لفظه ومعناه. والثاني - إذا حكاه من يعرف لفظه دون معناه. الثالث - نحو أن يقول: أتوني أفرغ عليه نحاساً، فيكون حكاه على معناه دون لفظه.
المعنى:
وقوله { آتنا } معناه: أعطنا، فالاتيان الاعطاء. وأصله الأتي، والمجيء، فأتى إذا كان منه المجيء، فآتى إذا حمل غيره على المجيء، كما يقال: أتاه ما يحب، وآتاه غيره ما يحب.
والحسنة التي سألوها قيل في معناها قولان:
أحدهما - قال قتادة، والجبائي، وأكثر المفسرين: إنه نعم الدّنيا، ونعم الآخرة.
الثاني - قال الحسن: العبادة في الدنيا، والجنة في الآخرة، وسميت نعمة الله حسنة، لأنها مما تدعو إليه الحكمة. وقيل: الطاعة والعبادة حسنة، لأنها مما يدعو إليه العقل.
اللغة:
وقوله تعالى: { وقنا عذاب النار } فالوقاء: الحاجز الذي يسلم به من الضرر. يقال وقاه يقيه وقاء، ووقاية. وتوقى هو توقية وأصل الوقاء الحجز بين الشيئين. وأصل قنا: أوقنا مثل احملنا، فذهبت الواو لسقوطها في يقي، لوقوعها بين ياء وكسرة ثم أتبع سائر تصاريف الفعل ما لزمته العلة، وسقط ألف الوصل للاستغناء عنها بتحرك ما بعدها، وحذفت الياء، للوقف الذي هو نظير الجزم.
والفائدة في الاخبار عنهم بهذا الدعاء، الاقتداء بهم فيه، لأنه لما حذّر من الدعاء الأول رغّب في الثاني.