خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ
٦٧
-البقرة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

القراءة:
قرأ ابو عمرو ونافع والكسائي وابن عامر: هزواً مثقلا، وكذلك كفوا مثقلة. وقرأ آخر مخففاً. وعاصم يثقلهن ويخففهن. وحمزة يخففهن ثلاثهن.
الاعراب واللغة:
قوله: { وإذ } معطوفة على قوله واذكروا نعمتي التي انعمت عليكم: واذكروا اذ قال موسى لقومه. واهل الحجاز يثقلون هذه الكلمات. وبنو أسد وتميم وعامة قيس يخففونهن ومن لا يحصى ممن تجاوزهم يقولون عن مكان أن اذا كانت الهمزة مفتوحة: يجعلونها عيناً ويقولون اشهد عن رسول الله فاذا كسروها رجعوا إلى لغة اهل الحجاز إلى الهمزة.
المعنى:
وهذه الآية فيها توبيخ للمخاطبين من بني اسرائيل في نقض اوائلهم الميثاق والذي اخذه الله عليهم بالطاعة لانبيائه. فقال: واذكروا ايضاً من نكثهم ميثاقي اذ قال موسى لقومه: إن الله يأمركم ان تذبحو بقرة قالوا اتتخذنا هزواً.
والهزء والسخرية واللعب نظائر. قال الراجز:

قد هزئت مني ام طيلسة قالت اراه معدماً لا شيء له

اي سخرت ولعبت ولا يجوز أن يقع من انبياء الله عز وجل فيما يؤدونه هزواً ولا لعب. وظنوا في امره اياهم عن الله: بذبح ـ البقرة ـ عند نذرائهم في القتيل ـ انه هازىء لاعب ولم يكن لهم ذلك.
وحذفت الفاء من قوله: أتتخذنا هزواً ـ وهو جواب ـ للاستغناء ما قبله من الكلام عنه وحسن السكوت على قوله إن الله يأمركم ان تذبحوا بقرة فجاز لذلك اسقاط الفاء من قوله. فقالوا كما حسن اسقاطها في قوله:
{ { فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا } ولم يقل فقالوا. ولو قيل بالفاء لكان حسناً. ولو كان ذلك على كلمة واحدة لم تسقط منه الفاء ألا ترى انك اذا قلت: قمت ففعلت، لم يجز اسقاط الفاء لانها عطف لا استفهام يوقف عليه.
فقال موسى حينئذ: اعوذ بالله ان اكون من الجاهلين. يعني السفهاء الذين يردون على الله الكذب والباطل. وكان السبب في امر موسى لقومه بذبح البقرة ما ذكره المفسرون أن رجلا من بني اسرائيل كان غنياً ولم يكن له ولد وكان له قريب يرثه قيل انه اخوه وقيل انه ابن اخيه وقيل ابن عمه واستبطأ موته فقتله سراً والفاه في موضع بعض الاسباط وادّعى قتله على احدهم فاحتكموا إلى موسى فسأل من عنده من ذلك علم فقال انت نبي الله وانت اعلم منا فقال ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة فلما سمعوا ذلك منه وليس في ظاهره جواب عما سألوا عنه قالوا اتتخذنا هزواً قال اعوذ بالله أن اكون من الجاهلين لان الخروج عن جواب السائل المسترشد إلى الهزء جهل. وقال بعضهم وانما امروا بذبح البقرة دون غيرها لأنها من جنس ما عبدوه من العجل ليهون عليهم ما كانوا يرونه من تعظيمهم وليعلم باجابتهم زوال ما كان في نفوسهم من عبادته والبقرة اسم الانثى. والثور للذكر: مثل ناقة وجمل، وامرأة ورجل، فيكون تأنيثه بغير لفظه.
والبقرة: مشتق من الشق: يقولون: بقر بطنه: إذا شقه، لأنها تشق الأرض في الحرث.