خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ كَذٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنْسَىٰ
١٢٦
وَكَذٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ
١٢٧
أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ
١٢٨
وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى
١٢٩
فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ
١٣٠
-طه

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ الكسائي وابو عمرو عن عاصم { ترضى } بضم التاء. الباقون بفتحها.
هذا جواب من الله تعالى لمن يقول { لم حشرتني أعمى، وقد كنت بصيراً } فيقول الله له فى جواب ذلك كما حشرتك أعمى مثل ذلك { أتتك آياتنا } يعنى أدلتنا وحججنا { فنسيتها } أي تركتها ولم تعتبر بها، وفعلت معها ما يفعله الناسي الذي لم يذكرها اصلا، ومثل ذلك اليوم تترك من ثواب الله ورحمته وتحرم من نعمه، وتصير بمنزلة من قد ترك فى المنسى بعذاب لا يفنى.
ثم قال ومثل ذلك { نجزي من أسرف } على نفسه بارتكاب المعاصي، وترك الواجبات ولم يصدق بآيات ربه وحججه.
ثم قال { ولعذاب الآخرة } بالنار { أشد وأبقى } لأنه دائم، وعذاب القبر وعذاب الدنيا يزول. وهذا يقوي قول من قال: إن قوله { معيشة ضنكاً } أراد به عذاب القبر. ولا يجوز أن يكون المراد بقوله { فنسيتها } النسيان الذي ينافى العلم لأن ذلك من فعل الله لا يعاقب العبد عليه، اللهم إلا ان يراد ان الوعيد على التعرض لنسيان آيات الله فأجري في الذكر على نسيان الآيات للتحذير من الوقوع فيه.
ثم قال تعالى { أولم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم } قيل: ان قريشاً كانت تتجر الى الشام فتمر بمساكن عاد وثمود، فترى آثار اهلاك الله اياهم، فنبههم الله بذلك على معرفته وتوحيده. وفاعل { يهد } مضمر يفسره { كم أهلكنا } والمعنى او لم يهد لهم اهلاكنا من قبلهم من القرون. ويجوز أن يكون المضمر المصدر يفسره { كم أهلكنا } وموضع { كم } نصب بـ { أهلكنا } في قول الفراء والزجاج. وقال بعضهم: انه رفع بـ { يهد } وهذا خطأ، لانه خرج مخرج الاستفهام، كما يقول القائل: قد تبين لي أقام زيد أم عمرو؟. وقوله { إن في ذلك } يعني في اهلاكنا القرون الماضية { لآيات } وحججاً لأولي العقول. والنهى العقول، على ما بيناه في غير موضع.
وقوله { ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاماً وأجل مسمى } فيه تقديم وتأخير وتقديره: ولولا كلمة سبقت من ربك واجل مسمى لكان لزاماً ومعناه: لولا ما سبق من وعد الله بأن الساعة تقوم في وقت بعينه وان المكلف له اجل مقدر معين، لكان هلاكهم { لزاماً } أي لازماً ابداً. وقيل: معناه فيصلا يلزم كل انسان طائره، ان خيراً فخيراً وان شراً، فشراً، فالاول قول الزجاج، والثاني قول أبي عبيدة. وقال قوم: عذاب اللزام كان يوم بدر، قتل الله فيه الكفار، ولولا ما قدر الله من آجال الباقين ووعدهم من عذاب الآخرة، لكان لازماً لهم ابداً في سائر الازمان. وقال قتادة: الاجل الاول يعني في قيام الساعة والثاني الذى كتبه الله للانسان انه يبقيه اليه.
ثم قال لنبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) { فاصبر على ما يقولون } من كفرهم بتوحيد الله وجحدهم لنبوتك وأذاهم اياك بكلام يسمعونك يثقل عليك { وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس } يعنى صلاة الفجر { وقبل غروبها } يعني صلاة العصر { ومن آناء الليل } يعنى صلاة المغرب والعشاء { وأطراف النهار } صلاة الظهر - في قول قتادة - "وآناء الليل" ساعات الليل. واحدها إني، قال السعدي:

حلو ومر كعصف القدح مرته بكل إني حذاه الليل ينتعل

وقيل في قوله { وأطراف النهار } لم جمع؟ ثلاثة اقوال:
اولها - انه أراد اطراف كل نهار، فالنهار في معنى الجمع.
الثاني - انه بمنزلة قوله
{ { فقد صغت قلوبكما } } الثالث - انه أراد طرف اول النصف الاول، وآخر النصف الاول، واول النصف الاخير، وآخر النصف الاخير، ولذلك جمع.
وقوله { لعلك ترضى } معناه افعل ما امرتك به لكي ترضى بما يعطيك الله من الثواب على ذلك. ومن ضم التاء أراد: لكي نفعل معك من الثواب ما ترضى معه. وقيل: لكي ترضى بالشفاعة. والمعاني متقاربة، لانه اذا أرضى الله النبي (صلى الله عليه وسلم) فانه يرضى.