خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ
١٠١
لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ
١٠٢
لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ
١٠٣
يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ
١٠٤
وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّالِحُونَ
١٠٥
-الأنبياء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ اهل الكوفة إلا ابا بكر { للكتب } على الجمع. الباقون { للكتاب } على التوحيد. وقرأ حمزة وحده { الزبور } بضم الزاي. من ضم الزاي أراد الجمع. ومن فتحها اراد الواحد. يقال: زبرت الكتاب أزبره زبراً إذا كتبته.
لما اخبر الله تعالى: ان الكفار حصب جهنم وانهم واردون النار، وداخلون فيها مؤبدين، اخبر { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى } يعني الوعد بالجنة. وقيل: الحسنى الطاعة لله تعالى يجازون عليها في الآخرة بما وعدهم الله به. واخبر تعالى ان من هذه صفته مبتعد عن النار ناء عنها، ويكونون بحيث { لا يسمعون حسيسها } يعني صوتها، الذي يحس، وإنهم في ما تشتهيه أنفسهم من الثواب والنعيم خالدون
والشهوة طلب النفس للذة يقال: اشتهى شهوة، وتشهى تشهياً، ونقيض الشهوة تكره النفس، فالغذاء يشتهى والدواء يتكره. وقيل: الحسنى الجنة التي وعد الله بها المؤمنين. وقال ابن زيد: الحسنى السعادة لأهلها من الله، وسبق الشقاء لأهله، كأنه يذهب الى ان معنى الكلمة انه: سيسعد أو أنه سيشقى. وقال الحسن ومجاهد: الذين سبقت لهم منا الحسنى عيسى، وعزير، والملائكة الذين عبدوا من دون الله، وهم كارهون، استثناهم من جملة من اخبر انهم مع الكفار فى جهنم.
وقوله { لا يحزنهم الفزع الأكبر } معناه لا يغم الذين سبقت لهم من الله الحسنى الفزع الاكبر. ومن ضم الياء أراد لا يفزعهم الفزع الاكبر. قال ابن جبير، وابن جريج: هو عذاب النار، على أهلها. وقال ابن عباس: هي النفخة الأخيرة. وقال الحسن: هو حين يؤمر بالعبد الى النار { وتتلقاهم الملائكة } قيل تتلقاهم الملائكة بالتهنئة ويقولون لهم { هذا يومكم الذي كنتم توعدون } به أي تخوفون بما فيه من العقاب، وترغبون فيما فيه من الثواب.
وقوله { يوم نطوي السماء } يحتمل نصب { يوم } وجهين:
احدهما - أن يكون بدلا من { توعدون } لان تقديره توعدونه.
الثاني - انه نعدكم يوم نطوي السماء. وقوله { كطي السجل للكتاب } فالسجل الصحيفة تطوى على ما فيها من الكتابة، فشبه الله تعالى طي السماء يوم القيامة بطي الكتاب - فى قول ابن عباس ومجاهد - وقال ابن عمر، والسدي: السجل ملك يكتب اعمال العباد. وقال ابن عباس - في رواية أخرى - السجل كاتب كان لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) والتقدير كطي الكتاب السجل، واللام مؤكدة. ويحتمل أن يكون المعنى كطي السجل، وقد تم الكلام. ثم قال للكتب أي لما كتبناه وعلمناه، فعلنا ذلك، كما قال
{ { ولولا كلمة سبقت } وقوله { كما بدأنا أول خلق نعيده } المعنى نعيد الخلق كما بدأناه. قال ابن عباس: معناه انه يهلك كل شيء، كما كان أول مرة. ثم قال: إن الذي ذكرناه وعيد منا لازم نفعله لا محالة.
ثم قال تعالى { ولقد كتبنا في الزبور } قيل الزبور كتب الانبياء { من بعد الذكر } من بعد كتبه في أم الكتاب - في قول سعيد بن جبير ومجاهد وابن زيد. وقيل: الزبور، زبور داود، من بعد الذكر فى توراة موسى - في قول الشعبي - وقال قوم { من بعد الذكر } معناه قبل الذكر الذي هو القرآن، حكاه ابن خالويه.
وقوله { إن الأرض يرثها عبادي الصالحون } قال ابن عباس وسعيد بن جبير وابن زيد: يعني أرض الجنة يرثها الصالحون من عباد الله، كما قال
{ { وأورثنا الأرض نتبوّأ من الجنة حيث نشاء } وقيل: هي الارض في الدنيا التي تصير للمؤمنين في أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) من بعد اجلاء الكفار عنها - فى رواية اخرى - عن ابن عباس. وقيل: يعني أرض الشام، يرثها الصالحون من بني اسرائيل ذكره الكبي. وعن ابي جعفر (ع) إن ذلك وعد للمؤمنين بأنهم يرثون جميع الارض.