خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِٱلْعَذَابِ فَمَا ٱسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ
٧٦
حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ
٧٧
وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنْشَأَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ
٧٨
وَهُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
٧٩
وَهُوَ ٱلَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ ٱخْتِلاَفُ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٨٠
-المؤمنون

التبيان الجامع لعلوم القرآن

يقول الله تعالى انا اخذنا هؤلاء الكفار الذين ذكرناهم بالعذاب. وقيل: هو الجدب وضيق الرزق، والقتل بالسيف { فما استكانوا لربهم } أي لم يذلوا عند هذه الشدائد، ولم يتضرعوا اليه، فيطلبوا كشف البلاء منه تعالى عنهم بالاستكانة له، والاستكانة طلب السكون خوفاً من السطوة. يقال: استكان الرجل استكانة إذا ذل عند الشدة.
وقوله { حتى إذا فتحنا عليهم باباً ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون } فالفتح فرج الباب بطريق يمكن السلوك فيه، فكأنه فتح عليهم باباً أتاهم منه العذاب. وقيل: ان ذلك حين دعا النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال:
"اللهم سنين كسني يوسف" فجاعوا حتى أكلوا العلهز وهو الوبر بالدم فى قول مجاهد.
وقال ابن عباس: هو القتل يوم بدر. وقال الجبائي فتحنا عليهم باباً من عذاب جهنم فى الآخرة.
والابلاس الحيرة لليأس من الرحمة، يقال: أبلس فلان إبلاساً إذا بهت عند انقطاع الحجة.
وقوله { وهو الذي أنشأكم } أي أوجدكم، واخترعكم من غير سبب { وجعل لكم السمع والأبصار } أي وخلق لكم السمع تسمعون به الاصوات والابصار تبصرون بها المرئيات وخلق لكم { الأفئدة } وهو جمع فؤاد، وهو القلب { قليلاً ما تشكرون } نصب { قليلاً } على المصدر و { ما } صلة، وتقديره تشكرون قليلا لهذه النعم التي أنعم بها عليكم.
ثم قال { وهو الذي ذرأكم } اي خلقكم وأوجدكم { في الأرض وإليه تحشرون } يوم القيامة، فيجازيكم على أعمالكم إما الثواب أو العقاب. والمراد إلى الموضع الذي يختص تعالى بالتصرف فيه، ولا يبقى لاحد هناك ملك. وقال الفراء: وهو الذي خلق السماوات والارض أي اخترعهما، وانشأهما، وقدرهما على ما فيهما من انواع المخلوقات، ليدل بها على توحيده وألا إله سواه { وله اختلاف الليل والنهار } اي له مرورهما يوماً بعد ليلة. وليلة بعد يوم، كما يقال إذا اتى الرجل الدار مرة بعد مرة: هو يختلف الى هذه الدار. وقيل: معناه وله تدبيرهما بالزيادة والنقصان.
ثم قال { أفلا تعقلون } فتفكرون في جميع ذلك، فتعلمون انه لا يستحق الالهية سواه، ولا تحسن العبادة إلا له.