خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ
٤
إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٥
-النور

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قال سعيد بن جبير: هذه الآية نزلت في عائشة. وقال الضحاك في نساء المؤمنين: وهو الأولى، لأنه اعم فائدة، وإن كان يجوز أن يكون سبب نزولها فى عائشة، فلا تقصر الآية على سببها.
يقول الله تعالى ان { الذين يرمون المحصنات } أي يقذفون العفائف من النساء بالزنا، والفجور، وحذف قوله بالزنا لدلالة الكلام عليه، ولم يقيموا على ذلك أربعة من الشهود، فانه يجب على كل واحد منهم ثمانون جلدة. وقال الحسن: يجلد وعليه ثيابه. وهو قول ابي جعفر (ع). ويجلد الرجل قائماً، والمراة قاعدة. وقال ابراهيم ترمى عنه ثيابه فى حد الزنا.
وقوله { ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً } نهي من الله تعالى عن قبول شهادة القاذف على التأبيد، وحكم عليهم بأنهم فساق. ثم استثنى من ذلك الذين تابوا من بعد ذلك.
واختلفوا فى الاستثناء الى من يرجع، فقال قوم: انه من الفساق، فاذا تاب قبلت شهادته حد او لم يحد. وهو قول سعيد بن المسيب. وقال عمر لأبي بكرة: إن تبت قبلت شهادتك. فأبى ابو بكرة أن يكذب نفسه. وهو قول مسروق والزهري والشعبي وعطاء وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز والضحاك، وهو قول ابي جعفر وابي عبد الله (ع). وبه قال الشافعي من الفقهاء وأصحابه، وهو مذهبنا. وقال الزجاج: يكون تقديره، ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً إلا الذين تابوا. ثم وصفهم بقوله { وأولئك هم الفاسقون } وقال شريح وسعيد بن المسيب، والحسن وابراهيم: الاستثناء من الفاسقين دون قوله { ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً } وبه قال أهل العراق، قالوا: فلا يجوز قبول شهادة القاذف ابداً. ولا خلاف فى انه إذا لم يحد - بأن تموت المقذوفة ولم يكن هناك مطالب، ثم تاب - أنه يجوز قبول شهادته. وهذا يقتضي الاستثناء من المعنيين على تقدير: وأولئك هم الفاسقون فى قذفهم، مع امتناع قبول شهادتهم إلا التائبين منهم.
والحد حق المقذوفة لا يزول بالتوبة. وقال قوم: توبته متعلقة باكذابه نفسه. وهو المروي فى أخبارنا، وبه قال الشافعي. وقال مالك بن أنس: لا يحتاج الى ذلك فيه. قال أبو حنيفة: ومتى كان القاذف عبداً او أمة فعليه أربعون جلدة. وقد روى أصحابنا: أن الحد ثمانون فى الحرّ والعبد، وظاهر العموم يقتضي ذلك، وبه قال عمر بن عبد العزيز، والقاسم بن عبد الرحمن.