خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ كَلاَّ فَٱذْهَبَا بِآيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ
١٥
فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٦
أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ
١٧
قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ
١٨
وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ
١٩
قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّالِّينَ
٢٠
-الشعراء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذا خطاب من الله تعالى جواباً لموسى عماه حكاه أنه { قال كلاّ } لا يقتلونك { فاذهبا } ومعنى (كلا) زجر أي لا يكون ذلك، ولا يقتلونك { فاذهبا } أمر لموسى وهارون على ما اقترحه موسى فاجيب اليه { فاذهبا بآياتنا } أي بأدلتنا ومعجزاتنا التي خصكما الله بها، و { إنا معكم مستمعون } أي نحن نحفظكم ونحن سامعون ما يجري بينكم، فهو (مستمع) في موضع (سامع) لأن الاستماع طلب السمع بالاصغاء اليه، وذلك لا يجوز عليه تعالى، وانما قال بهذا اللفظ، لأنه أبلغ في الصفة، وأشد في التعظيم - والله تعالى سامع بما يغني عن مذكر مستمع - لينبئ عن هذا المعنى، ووصفه بسامع يغني عن سماع الجماعة التي يقع سماعهم معاونة وإنما قال (مستمعون) بلفظ الجمع بناء على قوله { إنا } وأمرهما بأن يأتيا فرعون وأن يقولا له { إنا رسول رب العالمين } أرسلنا الله اليك لندعوك إلى عبادته، وترك الاشراك به، وانما قال { رسول } على التوحيد، وهو للاثنين، لأن المعنى ان كل واحد منا رسول رب العالمين، وقد يكون الرسول في معنى الجمع قال الهذلي:

الكني اليها وخير الرسو ل أعلمهم بنواحي الخبر

أي وخير الرسل: وقيل: إنه في موضع رسالة، فكما يقع المصدر موقع الصفة كذلك تقع الصفة موقع المصدر. والارسال جعل الشيء ماضياً في الامر، ومثله الاطلاق والبعث، وانشد في ذلك:

لقد كذب الواشون ما بحت عندهم بسر ولا أرسلتهم برسول

أي برسالة، وقال الآخر:

ألا من مبلغ عني خفافا رسولا بيت أهلك منتهاها

فانثه تأنيث الرسالة. وقوله { أن أرسل معنا بني إسرائيل } أي أمرك الله بأن تطلق صراح بني إسرائيل ليجيئوا معنا، وفي الكلام حذف وتقديره: إنهما مضيا إلى فرعون، وقالا له ما أمرهم الله به فقال فرعون لموسى { ألم نربك فينا وليداً } فالتربية تنشئة الشيء حالا بعد حال: رباه يربيه، ومثله نماه ينميه نماء. وقوله { وليداً } أي حين كنت طفلا صغيراً { ولبثت فينا من عمرك سنين } أي اقمت سنين كثيرة عندنا، ومكثت. وفى (عمر) ثلاث لغات - ضم الميم وإسكانها مع ضم العين، وفتح العين وسكون الميم. ومنه قوله { لعمرك } وعمر الأنسان بالفتح لا غير، وفى القسم أيضاً بالفتح لا غير.
وقوله { وفعلت فعلتك التي فعلت } يعني قتلك القبطي. وقرأ الشعبي { فعلتك } بكسر الفاء مثل الجلسة والركبة، وهو شاذ لا يقرأ به. وقوله { وأنت من الكافرين } قيل في معناه قولان:
أحدهما - قال ابن زيد أنت من الجاحدين لنعمتنا.
الثاني - قال السدي أراد كنت على ديننا هذا الذي تعيبه كافراً بالله. وقال الحسن: وأنت من الكافرين أي في أني إلهك. وقيل: من الكافرين لحق تربيتي، فقال له موسى (ع) في الجواب عن ذلك { فعلتها } يعني قتل القبطي { وأنا من الضالين } قال قوم: يعني من الضالين أي من الجاهلين بأنها تبلغ القتل. وقال الجبائي { وأنا من الضالين } عن العلم بان ذلك يؤدي إلى قتله. وقال قوم: معناه { وأنا من الضالين } عن طريق الصواب، لأني ما تعمدته. وانما وقع مني خطأ، كما يرمي انسان طائراً فيصيب انساناً.