خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ
٤١
قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ
٤٢
قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ
٤٣
فَأَلْقَوْاْ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَالِبُونَ
٤٤
فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ
٤٥
-الشعراء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ حفص { تلقف } بتخفيف القاف، الباقون - بتشديدها - إلا أن البزي وإبن فليح وقنبل شددوا التاء. قال ابو علي: من خفف القاف، فهو الوجه، لأن من شددها يريد تتلقف، فادغم، وانما أدغم، لأنه يلزمه إذا ابتدأ على هذه القراءة أن يجتلب همزة الوصل، وهمزه الوصل لا تدخل على الافعال المضارعة، كما لا تدخل على اسماء الفاعلين.
حكى الله تعالى أن السحرة لما حشروهم إلى فرعون وحضروا بين يديه قالوا له { أئن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين } اي هل لنا أجر جزاء على غلبنا اياه ان غلبناه. ومن قرأ على الخبر "إن لنا" أراد انهم لتيقنهم بالأجر أخبروا بذلك. والاول أقوى لقوله { قال نعم } وذلك جواب الاستفهام. والاجر الجزاء على العمل بالخير. والجزاء على الشر يسمى عقاباً، ولذلك اذا دعي لانسان قيل: آجرك الله. والمعنى أئن لنا لأجراً عند الملك؟ والغالب الذي يعلو على غيره الذي يمنع في نفسه بما يصير اليه في قبضة، فالله غالب كل شيء بمعنى أنه عال عليه لدخوله في مقدوره، لا يمكنه الخروج منه، فقال لهم فرعون في جواب ذلك: "نعم" لكم على ذلك الأجر الجزيل { وإنكم } مع ما تعطون من الجزاء { إذاً لمن المقربين }. والمقرب المدني من مجلس الكرامة، واختصاصه بها.
ثم حكى ما قال موسى للسحرة، فانه قال لهم { ألقوا ما أنتم ملقون } وهذا بصورة الأمر والمراد به التحدي، والمعنى اطرحوا ما انتم ملقوه { فألقوا حبالهم وعصيهم } أي طرحت السحرة ما كان معهم من السحر من الحبال والعصي التي سحروها وموهوا بأنها تسعى وتتحرك. وقيل: انهم جعلوا فيها زيبقاً، وطرحوها في الشمس، فلما حميت بالشمس تحرك الزيبق، لانه إذا حمي من شأنه أن يصعد فتحركت لذلك الحبال والعصي، فظن الناظرون أنها تتحرك. وقالوا حين طرحوا ما معهم { بعزة فرعون } والعزة القوة التي يمتنع بها من لحاق الضيم بعلو منزلتها، وهذا القول قسم منهم وإن كان غير مبرور { إنا لنحن الغالبون } لموسى فيما أتى به { فألقى } عند ذلك { موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون } أي تناولت العصا ما موّهوا به في ادنى مدة من الزمان، والتلقف تناول الشيء بالفم بسرعة، تقول: تلقف تلقفاً والتقف التقافاً واستلقف استلقافاً. ومعنى { ما يأفكون } ما يوهمون الانقلاب زوراً وبهتاناً. وقيل كان عدد السحرة اثني عشر ألفاً وكلهم أقرّ بالحق عند آية موسى.