خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ
٤
وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ
٥
-الشعراء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

لما بين الله تعالى حرص النبي (صلى الله عليه وسلم) على إيمان قومه، واجتهاده بهم حتى كاد أن يقتل نفسه تأسفاً على تركهم الايمان، أخبره بأنه قادر على أن ينزل عليهم آية ودلالة من السماء تظل اعناقهم لها خاضعة بأن تلجئهم إلى الايمان، لكن ذلك نقيض الغرض بالتكليف، لأنه تعالى لو فعل ذلك، لما استحقوا ثواباً ولا مدحاً، لأن الملجأ لا يستحق الثواب والمدح على فعله، لأنه بحكم المفعول فيه. وقيل: المراد بالاعناق الرؤساء. وقال قتادة: المعنى لا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية. وقيل في وجه جمع { خاضعين } بالياء والنون وهو صفة (الاعناق) والاعناق لا تعقل، وهذا الجمع يختص بمن يعقل قيل فيه أربعة أقوال:
احدها - فظل اصحاب الاعناق لها خاضعين، وحذف المضاف، واقام المضاف اليه مقامه لدلالة الكلام عليه.
الثاني - انه أراد بالاعناق الرؤساء والجماعات، كما يقال جاءه عنق من الناس أي جماعة.
الثالث - ان يكون على الاقحام. قال ابو عبيدة، والمبرد { خاضعين } من صفة الهاء والميم، في قوله { أعناقهم } كما قال جرير:

أرى مرّ السنين أخذن مني كما أخذ السرار من الهلال

فعلى هذا يكون ترك الاعناق وأخبر عن الهاء والميم، وتقديره فظلوا خاضعين لها والاعناق مقحمة.
الرابع - أنها ذكرت بصفة من يعقل لما نسب اليها ما يكون من العقلاء كما قال الشاعر:

تمززتها والديك يدعو صياحه إذا ما بنوا نعش دنوا فتصوّبوا

ويروي نادى صباحه. ثم اخبر تعالى عن هؤلاء الكفار الذين تأسف النبي (صلى الله عليه وسلم) على عدولهم عن ايمانهم انه ليس يأتيهم ذكر من الرحمن يعني القرآن. كما قال تعالى { { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } وقال { { إن هو إلا ذكر وقرآن مبين } ووصفه بأنه محدث، ولذلك جره، لانه صفة لـ (ذكر). وقوله { إلا كانوا عنه معرضين } أي يتولون عنه ولا ينظرون فيه. قال الفراء: انما قال { فظلت } ولم يقل "فتظل" لانه يجوز أن يعطف على مجزوم الجزاء بـ (فعل) لان الجزاء يصلح في موضع (فعل، يفعل) وفي موضع (يفعل، فعل) لانك تقول: إن زرتني زرتك وإن تزرني أزرك، والمعنى واحد