خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٦١
أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ
٦٢
أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٦٣
أَمَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٦٤
قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ
٦٥
-النمل

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ اهل البصرة وعاصم { عما يشركون } بالياء. الباقون بالتاء. وقرأ ابو عمرو وهشام وروح { قليلاً ما يذكرون } بالياء. الباقون بالتاء. من قرأ بالياء في الموضعين جعله للمخاطبين ومن قرأ بالتاء فالى الغائبين.
يقول الله تعالى منبهاً على مواقع نعمه على خلقه، ممتناً بها عليهم بأن قال { أمن } الذي { جعل الأرض قراراً } بأن أسكنها للاستقرار عليها، وامكان التصرف عليها، فمن جعلها كذلك لمصالح عباده بها على ما يحتاجون اليه منها عالم حكيم، وهو أولى بالعبادة من الاصنام { وجعل خلالها أنهاراً } يعني خلال الأرض وهي المسالك في نواحيها { أنهاراً } جمع نهر وهي المجرى الواسع من مجاري الماء، واصله الاتساع، فمنه النهار لاتساع ضيائه، ومنه انهار الدم إذا جرى، كالنهر { وجعل لها رواسي } يعني الجبال الثابتة، رست ترسو رسواً إذا ثبتت فلم تبرح من مكانها كالسفينة وغيرها، ومنه المراسي.
وقوله { وجعل بين البحرين حاجزاً } فالحاجز هو المانع بين الشيئين، أن يختلط احدهما بالآخر، وقد يكون ذلك بكف كل واحد منهما عن صاحبه. وفى ذلك دلالة على امكان كف النار عن الحطب، حتى لا تحرقه ولا تسخنه كما كف الماء المالح عن الاختلاط بالعذب. ثم قال { أإله مع الله } يقدر على ذلك، تبكيتاً لهم على الاشراك به. ثم قال { بل أكثرهم لا يعلمون } حقيقة ما ذكرناه لعدو لهم عن النظر في الدلالة المؤدية اليه. وقيل { بل أكثرهم لا يعلمون } ما لهم وعليهم في العبادة إن اخلصوها، او اشركوا فيها.
ثم قال { أم من يجيب المضطر إذا دعاه } فاجابة دعاء المضطر هو فعل ما دعا به، لأجل طلبه، وذلك لا يكون إلا من قادر عليه مختار له، لانه يقع على ما دعا به الداعي { ويكشف السوء } يعني الآلام يصرفها عنكم { ويجعلكم خلفاء الأرض } أي يجعل أهل كل عصر يخلفون العصر الاول { أإله مع الله } يقدر على ذلك.
ثم قال { قليلا ما تذكرون } أي تفكرون قليلا بما قلناه ونبهنا عليه. ثم قال { أم من يهديكم في ظلمات البر والبحر } بما نصب لكم من الدلالات التي تستدلون بها، من الكواكب وغيرها { ومن } الذي { يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته } يعني بين يدي المطر والغيث.
ومن قرأ بالنون أراد ملقحات. وقيل: معناه منتشرة. ومن قرأ بالباء أراد مبشرات بالمطر.
ثم نزه نفسه عن الاشراك به واتخاذ إله معه فقال { تعالى عما يشركون } ثم قال { أم من يبدؤ الخلق ثم يعيده } يبدؤهم بأن يخترعهم ابتداء، ثم يعيدهم بعد أن يميتهم، ويعيدهم إلى ما كانوا عليه { ومن يرزقكم من السماء والأرض } من السماء بالغيث والمطر. ومن الارض بالنبات وانواع الثمار { أإله مع الله } يقدر على ذلك { قل } لهم يا محمد { هاتوا برهانكم } وحجتكم { إن كنتم صادقين } في قولكم محقين في الاشراك معه، فاذا لم تقدروا على اقامة البرهان على ذلك، فاعلموا انه لا إله معه، ولا يستحق العبادة سواه، لان كان ما يكون حقاً من أمر الدين لا بد أن يكون عليه دلالة وبرهان.
ثم قال لنبيه (صلى الله عليه وسلم) { قل } يا محمد { لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } يعني الغائب عن الخلق لا يعلم به إلا الله تعالى أو من أعلمه الله، ثم اخبر انهم لا يشعرون متى يبعثون ويحشرون يوم القيامة.