خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ
٧١
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ
٧٢
وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
٧٣
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ
٧٤
وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوۤاْ أَنَّ ٱلْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
٧٥
-القصص

التبيان الجامع لعلوم القرآن

يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله { قل } يا محمد لهؤلاء الكفار الذين عبدوا معي آلهة تنبيهاً لهم على خطئهم { أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً } أي دائماً { إلى يوم القيامة } بلا نهار ولا ضياء { من إله غير الله يأتيكم بضياء } كضياء النهار تبصرون فيه، فانهم لا يقدرون على الجواب عن ذلك إلا بأنه لا يقدر على ذلك سوى الله تعالى، فحينئذ يلزمهم الحجة بأنه لا يستحق العبادة غير الله وهذا تنبيه منه لنبيه صلى الله عليه وآله ولخلقه على وجه الاستدلال على توحيده ويبطل ذلك قول من قال: المعارف ضرورية. لأنه لو كان تعالى معلوماً ضرورة لما احتاج الأمر إلى ذلك، لان كونه معلوماً ضرورة يغني عن الاستدلال عليه، وما لا يعلم ضرورة من أمر الدين، فلا يصح معرفته إلا ببرهان يدل عليه.
وقوله { أفلا تسمعون } معناه أفلا تقبلونه وتتفكرون فيه؟ وفى ذلك تبكيت لهم على ترك الفكر فيه، لانهم إذا لم يفكروا فيما يسمعونه من حجج الله فكأنهم ما سمعوه. وقيل في قوله { أفلا تسمعون } قولان:
احدهما - افلا تسمعون هذه الحجة فتتدبرونها وتعملون بموجبها إذ كانت بمنزلة الناطقة بأن ما انتم عليه خطأ وضلال يؤدي إلى الهلاك.
والثاني - ان معناه أفلا تقبلون. ثم نبههم ايضاً فقال { أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً } أي دائماً { إلى يوم القيامة } بلا ليل تسكنون فيه، فانهم لا يقدرون على الجواب عن ذلك إلا بما يدل على فساد معتقدهم، وهو انه لا يقدر على ذلك غير الله، فحينئذ تلزمهم الحجة بأنه لا يستحق العبادة سواه.
وقوله { أفلا تبصرون } معناه أفلا تتفكرون فيما ترونه، لأن من لا يتدبر بما يراه من الحجج والبراهين فكانه لم يرها. وقيل معناه ألا تعلمون ثم قال { ومن رحمته } أي من نعمه عليكم أن { جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا } في الليل { ولتبتغوا من فضله } بالنهار بالسعي فيه، ولكي تشكروا هذه النعم التي أنعم بها عليكم، والهاء في قوله { لتسكنوا فيه } يحتمل وجهين:
احدهما - ان يعود إلى الليل خاصة، ويضمر مع الابتغاء هاء أخرى،
الثاني - ان يعود الضمير اليهما إلا انه وحد، لأنه يجري مجرى المصدر في قولهم: اقبالك وادبارك يؤذيني، والاول أصح، لان الليل للسكون فيه، والنهار للتصرف والحركة، ولكنه يحتمل ليكونوا في هذا على التصرف وفي ذاك على الهدوء وقطع التصرف، وانما كان الفساد في ادامة النهار في دار التكليف، ولم يكن في دار النعيم، لأن دار التكليف لا بد فيها من التعب والنصب الذي يحتاج معه إلى الاستجمام والراحة، وليس كذلك دار النعيم، لانه انما يتصرف فيها بالملاذ. وقوله { أين شركائي الذين كنتم تزعمون } قد مضى تفسيره، وانما كرر النداء بـ { أين شركائي الذين كنتم تزعمون } لان النداء الأول للتقرير بالاقرار على اليقين بالغي الذي كانوا عليه ودعوا اليه.
والثاني - للتعجيز عن اقامة البرهان لما طولبوا به بحضرة الاشهاد مع تقريع حاصل به بالاشراك بعد تقريع.
ثم اخبر تعالى انه نزع { من كل أمة } من الأمم { شهيداً } يشهد على تلك الامة بما كان فيها، ومعنى { نزعنا } أخرجنا وأحضرنا يقال: فلان ينزع إلى وطنه بأن يحن اليه حنيناً يطالبه بالخروج اليه. قال قتادة ومجاهد: شهيدها نبيها الذي يشهد عليها بما فعلوه، وقيل هؤلاء الشهود: هم عدول الآخرة الذين لا يخلو زمان منهم يشهدون على الناس بما عملوا من عصيانهم.
وقوله { هاتوا برهانكم } حكاية عما يقول الله تعالى للكفار في الآخرة فانه يقول لهم هاتوا حجتكم على ما ذهبتم اليه { إن كنتم صادقين } ثم اخبر تعالى انهم عند ذلك يعلمون { أن الحق لله } أي ان التوحيد لله والاخلاص في العبادة له دون غيره لان معارفهم. ضرورة { وضل عنهم ما كانوا يفترون } أي بطل ما عبدوه من دون الله، وافتراءهم هو ادعاءهم الالهية مع الله تعالى.