خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ
١٥٥
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

المعنى، واللغة:
روي عن عمر بن الخطاب، وقتادة، والربيع: ان المعني بالمتولي في هذه الآية هم الذين ولوا الدبر عن المشركين بأحد. وقال السدي: هم الذين هربوا إلى المدينة في وقت الهزيمة. وقوله: { إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا } قيل في الكسب الذي أداهم إلى الفرار الذي اقترفوه قولان:
أحدهما - محبتهم للغنيمة مع حرصهم على تبقية الحياة، وفي ذلك الوجه عما يؤدي إلى الفتور فيما يلزم من الأمور على قول الجبائي.
والثاني - ذكره الزجاج، استزلهم بذكر خطايا سلفت لهم، فكرهوا القتل قبل اخلاص التوبة منها، والخروج من المظلمة فيها. وقوله: { ولقد عفا الله عنهم } يحتمل أمرين:
أحدهما - قال ابن جريج، وابن زيد: حلم عنهم إذ لم يعاجلهم بالعقوبة به، ليدل على عظم تلك المعصية.
والآخر - عفا لهم تلك الخطيئة ليدل على أنهم قد أخلصوا التوبة. وقوله: { إن الله غفور رحيم } فحلمه تعالى عنهم هو امهاله بطول المدة بترك الانتقام مع ما فعل بهم من ضروب الانعام.
وأصل الحلم الاناة، وهي ترك العجلة، فالامهال بفعل النعمة بدلا من النقمة كالاناة بترك العجلة. ومنه الحلم في النوم، لأن حال السكون والدعة كحال الاناة. ومنه الحلمة: رأس الثدي، لخروج اللبن الذي يحلم الصبي.
وذكر البلخي أن الذين بقوا مع النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم أحد فلم ينهزموا ثلاثة عشر رجلا: خمسة من المهاجرين: علي (ع) وأبو بكر، وطلحة، وعبد الرحمن ابن أبي عوف، وسعد بن أبي وقاص، والباقون من الانصار. فعلي وطلحة، لا خلاف فيهما. والباقون فيهم خلاف. وأما عمر، فروي عنه أنه قال: رأيتني أصعد في الجبل كأني أروى. وعثمان انهزم، فلم يرجع إلا بعد ثلاثة ـ [أيام] فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): لقد ذهبت فيها عريضة. وفي الآية دليل على فساد قول المجبرة: من أن المعاصي من الله، لأنه تعالى نسب ذلك في الآية إلى استزلال الشيطان.