خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَللَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
١٨٠
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ حمزة "ولا تحسبن" بالتاء المعجمة من فوق الباقون بالياء، وهو الأقوى، لأن عليه أكثر القراء، فمن قرأ بالتاء، فالتقدير على قراءته ولا تحسبن بخل الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خير لهم. وجاز حذف البخل مع الفصل لدلالة يبخلون عليه، كما يقال من كذب كان شراً له. والمعنى كان الكذب شراً له. قال الشاعر:

إذا نُهي السفيه جرى إليه وخالف والسفيه إلى خلاف

ومعناه خالف إلى السفه. قال الزجاج: إنما تكون هو، وهما، وهم، وأنا وأنت، ونحن فصولا مع الافعال التي تحتاج إلى اسم وخبر، ولم يذكر سيبويه الفصل مع الابتداء، والخبر. قال: ولو تأول متأول قوله الفصل ها هنا أنه يدل على أنه جائز في المبتدأ والخبر كان جائزاً. قال: والقراءة بالياء عندي هو الاجود ويكون الاسم محذوفاً، قال: والقراءة بالتاء لا تمتنع مثل قوله: { { واسأل القرية } وتقديره ولا تحسبن بخل الباخلين خيراً.
ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها ما قاله السدي: إن المعنى بخلوا أن ينفقوا في سبيل الله كما بخلوا بمنع الزكاة. وقيل إنها نزلت في أهل الكتاب بخلوا أن يبينوه للناس - على قول ابن عباس - والوجه الأول أظهر لأن أكثر المفسرين على أنها نزلت في مانعي الزكاة، وهو قول أبي جعفر (ع) وقوله: { هو خيراً لهم } فلفظة "هو" فصل، بين الاسم، والخبر على تقدير ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله البخل هو خيراً لهم فيمن قرأ بالياء وقوله: { سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } قيل في معناه قولان:
أحدهما - رواه ابن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه شجاع أقرع يطوقونه، وهو المروي عن أبي جعفر (ع). وقال ابراهيم النخعي: انهم يطوقون طوقاً من نار. وقال أبو علي: هو كقوله:
{ { يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم } وقال البلخي معناه سيجازون كأنهم طوقوا. وقوله: { ولله ميراث السماوات والأرض } معناه أنه يبطل ملك كل شيء إلا ملك الله، فيصير كالميراث لصحة الملك الثاني بعد زوال الأول وإن لم يكن في صفات الله على جهة الانتقال، لأنه لم يزل مالكاً (عز وجل) والبخل هو منع الواجب لأنه تعالى ذم به وتوعد عليه، وأصله في اللغة مشقة الاعطاء، وإنما يمنع الواجب لمشقة الاعطاء.