خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ
١٨٦
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قوله: { لتبلون } معناه لتختبرن أي توقع عليكم المحن، وتلحقكم الشدائد في أنفسكم، وأموالكم من قبل الكفار نحو ما نالهم من الشدائد في أنفسهم يوم أحد، ونحو ما كان الله يفعل بهم من الفقر وشدة العسر، وانما فعله ليصبروا وسماه بلوى مجازاً، لأن حقيقته لا تجوز عليه تعالى، لأنها التجربة في اللغة. ويتعالى الله عن ذلك، لأنه عالم بالاشياء قبل كونها. وإنما فعله ليتميز المحق منكم من غيره - هذا قول أبي علي الجبائي - وقال البلخي: معناه لتبلون بالعبادات في أنفسكم كالصلاة والصيام وغيرهما. وفي أموالكم من الانفاق في سبيل الله والزكوات، ليتميز المطيع من العاصي. واللام لام القسم. والنون دخلت مؤكدة، وضمت الواو لسكونها، وسكون النون. ولم تنصب لأنها واو الجمع فرقا بينها وبين واو الاعراب. ويقال للواحد، لتبلين يا رجل وللاثنين لتبليان. ويفتح الياء في لتبلين في الواحد عند سيبويه لسكونها وسكون النون. وفي قول غيره تبنى على الفتح لضم النون إليها، كما يبنى ما قبل هاء التأنيث. وللمرأة لتبلين وللمرأتين لتبليان وللنساء لتبتلينان. زيدت الالف لاجتماع النونات وقوله: { ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً } يعني ما سمعوه من اليهود ومن كفار مكة وغيرهم من تكذيب النبي (صلى الله عليه وسلم) ومن الكلام الذي يغمهم ويكرثهم ثم بين تعالى بقوله: { وإن تصبروا وتتقوا } انكم إن صبرتم على ذلك وتمسكتم بالطاعة ولم تجزعوا عنده جزعاً يبلغ الاثم، { فإن ذلك من عزم الأمور } ومعناه من جزم الامور، أي ما بان رشده وصوابه. ووجب على العاقل العزم عليه. وأذى مقصور. ويكتب بالياء يقال أذى يأذى أذىً: إذا سمع ما يسوءه وقد آذاني فلان يؤذيني إيذاءاً وتأذيت به تأذياً. وقال عكرمة وغيره: إن هذه الآيات كلها نزلت في فنحاص اليهودى سيد بني قينقاع حين كتب النبي (صلى الله عليه وسلم) إليه يستمده، فقال فنحاس: قد احتاج ربكم أن نمده. وهو القائل: { { إن الله فقير ونحن أغنياء } ونزلت فيه أيضاً { { لا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم } وقال الزهري: الآية نزلت في كعب بن الاشرف، وكان يهجو النبي (صلى الله عليه وسلم)، والمؤمنين ويحرض المشركين عليهم حتى قتله محمد بن مسلمة غيلة. والبلوى التي ابتلوا بها، قال الحسن: هي فرائض الدين من الجهاد في سبيل الله، والنفقة في طاعة الله، والتمسك بما يجب لله في كلما أمر به ودعا إليه.