خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَٱشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ
١٨٧
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

القراءة والحجة:
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم { ليبيننه للناس ولا يكتمونه } بالياء فيهما. الباقون بالتاء فيهما، فمن قرأ بالياء، فلانهم غُيب. ومن قرأ بالتاء حكى المخاطبة التي كانت في وقت أخذ الميثاق "ولتبيننه" لجماعة الرجال وللواحد تفتح النون.
المعنى:
والمعني به اذكروا { إذا أخذ الله } منهم الميثاق ليبينن أمر نبوة النبي (صلى الله عليه وسلم) ولا يكتمونه { فنبذوه وراء ظهورهم } أي رموا به في قول ابن عباس، ولم يعملوا به وإن كانوا مقرين به. ويقال لمن يطرح الشيء ولا يعبأ به رميته بظهر، قال الفرزدق:

تميم بن قيس لا تكونن حاجتي بظهر ولا يعيا علي جوابها

أي لا تتركنها، لا تعبأ بها، فاخبر الله تعالى عما حمل اليهود الذين كانوا رؤساء على كتمان أمر النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: { واشتروا به ثمناً قليلاً } أي قبلوا على ذلك الرشا، وقامت لهم بذلك رئاسة اكتسبوها فذلك حملهم على الكفر بما يخفونه، ثم ذم تعالى أفعالهم بقوله: { فبئس ما يشترون } لأن ما يكون عاقبته الهلاك والعقاب الدائم، وان كان نفعاً عاجلا، فهو بئس الشيء. وقال ابن عباس وسعيد ابن جبير وعكرمة والسدي وابن جريج ان المعني بهذه الآية فنحاص اليهودي، وأصحابه الذين كتموا أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) وما بينه الله في التوراة. وقال قتادة وكعب وعبد الله بن مسعود هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم كافة، فمن علم شيئاً فليعلمه وإياكم وكتمان العلم، فان كتمانه هلاك. وقال الجبائي: المعني بالآية اليهود والنصارى. وقال الحسن { لتبيننه ولا تكتمونه } معناه لتكلمن بالحق ولتصدقنه بالعمل. والميثاق الذي ذكره الله في الآية هو الأيمان التي أخذها عليهم أنبياؤهم ليبينن ما في كتبهم من الاخبار والآيات الدالة على نبوة النبي (صلى الله عليه وسلم) ولايكتمونه. والهاء في "ليبيننه" عائدة على محمد (صلى الله عليه وسلم) في قول سعيد بن جبير والسدي، فيعود على معلوم غير مذكور. وقال الحسن وقتادة: هي عائدة على الكتاب فيدخل فيه بيان أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) لأنه في الكتاب.