المعنى، والاعراب:
قال الحسن: القائلين { لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم } هم يهود خيبر ليهود المدينة. وقال قتادة، والربيع، والسدي، وابن زيد: هم بعض اليهود لبعض.
وقيل في معنى الآية ستة أقوال:
أحدها - قال الحسن، ومجاهد: اعرض بقوله: { قل إن الهدى هدى الله } وتقديره: { ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم } ولا تؤمنوا { أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم } ولا تؤمنوا { أن يحاجوكم عند ربكم } لأنه لا حجة لهم. قال أبو علي الفارسي. وتقديره ولا تصدقوا بـ { أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم } { إلا لمن تبع دينكم }.
الثاني - قال السدي، وابن جريج: هو على الاتصال بالهدى دون الاعتراض، والمعنى { قل إن الهدى هدى الله أن } لا { يؤتى أحد مثل ما أوتيتم } أيها المسلمون، كقوله { يبين الله لكم أن تضلوا } وأن لا { يحاجوكم عند ربكم } لأنه لا حجة لهم.
الثالث - قال الكسائي، والفراء: { أو يحاجوكم عند ربكم } بمعنى حتى { يحاجوكم عند ربكم } على التبعيد كما يقال لا تلتقي معه أو تقوم الساعة.
الرابع - قال أبو علي: { قل إن الهدى هدى الله } فلا تجحدوا { أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم }.
الخامس - قال الزجاج: { ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم } لئلا تكون طريقاً لعبدة الأوثان إلى تصديقه.
السادس - { أو يحاجوكم عند ربكم } ان اعترفتم به، فيلزمكم العمل به منهم، لاقراركم بصحته.
وفي دخول اللام في قوله: { إلا لمن } قيل فيه قولان:
أحدهما - أن تكون زائدة كاللام في قوله: { ردف لكم } أي ردفكم بمعنى لا تصدقوا إلا من تبع دينكم. قال المبرد: إنما يسوغ ذلك على تقدير المصدر بعد تمام الكلام، فأما قام لزيد بمعنى قام زيد، فلا يجوز، لأنه لا يحمل على التأويل إلا بعد التمام.
والقول الآخر - لا تعترفوا بالحق { إلا لمن تبع دينكم } فتدخل للتعدية، وقال أبو علي الفارسي لا يجوز أن يتعلق اللام في قوله: { لمن تبع دينكم } بقوله: { ولا تؤمنوا }، لأنه قد تعلق به حرف الجر في قوله: { بأن يؤتى } كما لا يتعلق مفعولان بفعل واحد. فان قيل: لم جاز حذف (لا) من قوله تعالى { أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم } على قول من قال ذلك؟ قلنا: الدلالة عليها كالدلالة في
جواب القسم، نحو والله أقوم أي لا أقوم قال امرؤ القيس:
فقلت يمين الله أبرح قاعدا ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
أي لا أبرح. والدليل عليه في الآية اتصاله بالعرض في اختصاص أهل الايمان،، فلا يتبعه في المعنى إلا على { أن لا } { يؤتى أحد مثل ما أوتيتم } وكذلك { يبين الله لكم أن تضلو } لأن البيان لا يكون طريقاً إلى الضلال.
وقال المبرد تقديره كراهة { أن تضلوا }، وكراهة { أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم } فحمله على الأكثر، لأن حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أكثر من حذف (لا). وقوله: { والله واسع عليم } معناه واسع الرحمة عليم بالمصلحة، فمن صلح له ذلك من غيركم فهو يؤتيه تفضلا عليه.