خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَآ أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ
٦٦
وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ
٦٧
رَبَّنَآ آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ وَٱلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً
٦٨
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً
٦٩
-الأحزاب

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ابن عامر ويعقوب { ساداتنا } بألف بعد الدال. الباقون بغير الف على جمع التكسير، والأول على جمع الجمع، وقرأ عاصم وابن عامر - في رواية الداحوني عن هشام { لعناً كبيراً } بالباء. بالباقون بالثاء.
العامل في قوله { يوم تقلب } قوله { وأعد لهم سعيراً... يوم تقلب وجوههم } فالتقليب تصريف الشيء في الجهات، ومثله التنقيل من جهة إلى جهة فهؤلاء تقلب وجوههم في النار، لانه ابلغ في ما يصل اليهم من العذاب. وقوله { يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا } حكاية ما يقول هؤلاء الكفار الذين تقلب وجوههم في النار، فانهم يقولون متمنين: يا ليتنا كنا اطعنا الله في ما امرنا به ونهانا عنه، ويا ليتنا أطعنا الرسول في ما دعانا اليه. وحكى ايضاً انهم يقولون يا { ربنا إنا أطعنا } في ما فعلنا { سادتنا وكبراءنا } والسادة جمع سيد، وهو الملك المعظم الذي يملك تدبير السواد الاعظم، ويقال للجمع الاكثر السواد الأعظم يراد به السواد المنافي لشدة البياض والضياء الأعظم { فأضلونا السبيلا } يعني هؤلاء الرؤساء اضلونا عن سبيل الحق.
وقيل الآية نزلت في الاثنى عشر الذين أطعموا الكفار يوم بدر من قريش. ثم حكى انهم يقولون { ربنا آتهم ضعفين من العذاب } لضلالهم في نفوسهم وإضلالهم إيانا. وقيل معناه عذاب الدنيا والآخرة { والعنهم لعناً كثيراً } أي مرة بعد اخرى. ومن قرأ بالباء اراد اللعن الذي هو اكبر من لعن الفاسق، لان لعنة الكافر أعظم.
ثم خاطب تعالى المؤمنين فقال { يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى } أي لا تؤذوا نبيكم مثل ما اوذي موسى يعني آذاه قومه بعيب اضافوه اليه لم يقم حجة بتعييبه. وقيل: إن الآية نزلت في المنافقين عابوا النبي محمد صلى الله عليه وآله باصطفائه صفيه بنت حي، فنهاهم الله عن ذلك. واختلف المفسرون في العيب الذي اضافه قوم موسى اليه. فقال قوم: انهم آذوا موسى بأن اشاعوا أن هارون قتله موسى فأحياه الله - عز وجل - حتى أخبرهم ان موسى لم يقتله وأن الله تعالى هو الذي اماته عند انقضاء أجله، وهو معنى قوله { فبرأه الله مما قالوا } وقيل: انهم قالوا: إنه ابرص. وقيل: انهم اضافوه إلى انه ادر الخصيتين، فبرأه الله من ذلك، واجاز البلخي حديث الصخرة التي ترك موسى ثيابه عليها على ان يكون ذلك معجزاً له. وقال قوم: ذلك لا يجوز لأن فيه اشتهار النبي وابداء سوأته على رؤس الأشهاد. وذلك ينفر عنه، فبرأه الله من ذلك.
وقوله { وكان عند الله وجيهاً } أي عظيم القدر، رفيع المنزلة إذا سأل الله تعالى شيئاً أعطاه. وأثبت الألف في قوله { الرسولا.... والسبيلا } لأجل الفواصل في رؤس الآي تشبيهاً بالقوافي.